حركة الأخوان المسلمين.. مرحلة القمع؟! (3)

كتبت: الباحثة أ. ميرنا لحود

متابعة: هلا حداد/ إخراج @GaroTNT

مُنعت الحركة في مصرَ لتنكفىء في دولٍ خليجية (السعودية وقطر وإمارة الشارقة) وفي أوروبا (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى سويسرا الحيادية). وفي كلِّ مرةٍ كان يجري استقبالهم كعملاءَ للغرب بسبب مناوأتهم التحالفَ حديثَ الولادة بين الوطنيين والشيوعية.

سعيد رمضان ومسلمو أوروبا الغربية

ومع قمع الحركة، حصل سعيد رمضان على جواز سفر دبلوماسي من الأُردن، منتقلاً إلى جنيف ليستقرَّ فيها في عام 1958 حيث أدار عمليات زعزعة الاستقرار في القوقاز وآسيا الوسطى (في الوقت نفسه، في باكستان وأفغانستان ووادي السوفيات في فرغانة أي في أوزبكستان). وبفضل تسلمه اللجنة المعنية في بناء مسجدٍ في ميونخ، استطاع شبك علاقات مع مسلمي أوروبا الغربية.

ووُفرت له المساندة من قبل American Committee for the Liberation of the Peoples of Russia (AmComLib) ما يعني الـ CIA وتأمنت له وسائلُ لنشر الفكر الإخواني عبر Radio Liberty/Radio Free Europe المموّلة من الكونغرس الأميركي مباشرةً.

بعد أزمة قناة السويس وتمركز جمال عبد الناصر إلى جانب السوفيات، قررت واشنطن تقديم الدعم اللامحدود للإخوان ضد الوطنيين العرب؛ وطلبت الـ CIA من Miles Copeland أحد موظفيها الكبار استلام ملف اختيار شخصية إخوانية ليلعب دوراً على نطاق العالم العربي.

ففي عام 1980، ظهر خطيبٌ مصريٌ لهذا الدور وهو يوسف القرضاوي.

ماسونية إسلامية!!

وفي عام 1961، أقامت حركة الإخوان المسلمين بتشبيك العلاقة مع جمعية سرّية وهي النقشبندية، التي تشبه بالماسونية الإسلامية مازجة بين الصوفية والسياسة، ومن أبرز الهنود العقائديين أبو الحسن عليّ الندوي الذي نشر مقالاً في صحيفة الإخوان.

إنَّ الجمعية قديمةٌ جداً ومتواجدةٌ في عدة بلدانٍ. في العراق، مثلاً حيث من المعلمين الكبار للجمعية عزت إبراهيم الدوري الذي أصبح لاحقاً نائباً للرئيس صدام حسين والذي ساند الإخوان في محاولة انقلابٍ في سوريا، في عام 1982 وشارك في “حملة إعادة الإيمان” التي نظمها صدام حسين لإعادة إعطاء هُويةٍ لبلاده بعد فرض منطقة حظر جوي من قبل الغرب.

 

أمَّا في تركيا، فللجمعية دورٌ أكثرُ تعقيداً ومن بعض الرموز فتح الله غولن مؤسس Hizmet والرئيس ترغوت أوزال (1989 ـ 1993) ورئيس الوزراء السابق نكماتين إرباكان من 1996 إلى 1997 ومسؤول حزب العدالة 1961 و Mllî Görüs (الرؤية الوطنية) 1969. كذلك الأمر في أفغانستان، الرئيس السابق صبغت الله مُجَدِّدي في عام 1992 الذي كان معلماً كبيراً.

في روسيا ومع مساعدة الإمبراطورية العثمانية، أثارت الجمعية الزعزعة في القرم وأوزبكستان والشيشان وداغستان وفي القرن التاسع عشر ضد روسيا التسارية. حتى انهيار الاتحاد السوفياتي، المعلومات عن هذه الجمعية شحيحةٌ جداً ولها تواجدٌ حتى سنجار الصينية. فالدراسات عن التقارب بين حركة الإخوان والجمعية قليلةٌ والتناقضات حول مبادىء الإسلاميين والصوفية بشكل عام.

وفي عام 1962، شجّعت الـ CIA المملكة العربية السعودية في إنشاء رابطة العالم الإسلامي وتمويل حركة الإخوان والجمعية النقشبندية ضد الوطنيين والشيوعيين. وتُمَوّل المنظمة من قبل آرامكو Arabian-American Oil Company ومن بين الأعضاء سعيد رمضان والباكستاني سيد عبد العلاء مودودي والهندي أبو الحسن علي الندوي.

وبفضل توفر الأموال التي يدّرها النفط في المملكة، أصبحت الراعية للإخوان المسلمين في العالم. ومحلياً أوكلت إليهم الجهاز التربوي والجامعي لأنَّ لا أحد كان يُجيد الكتابة والقراءة وعلى الإخوان التأقلم مع الذي يستقبلهم، وحال ذلك دون تقديم الولاء إلى المرشد؛ لذا تمحوروا حول محمد قطب الأخ لسيد قطب في جناحين: الإخوان السعوديون من جهةٍ ومن جهةٍ أخرى أتباع سرور الذين أخذوا العقيدة السياسية الإخوانية والاعتقاد الوهابي. والأخيرة هي في الحقيقة بدعةٌ تنتمي إليها العائلة الحاكمة في السعودية. وتفسر الإسلام من خلال فكر بدوي لا يتعلق بالإسلام ولا بتاريخه.

ما من قاسم مشترك بين حركة الإخوان السياسية والوهابية، لكنهما يتوافقان. وتمّ الاتفاق على أنْ يساند آل سعود الإخوان حول العالم شرط أنْ لا يتدخلوا في الشؤون الداخلية للمملكة. وأدى الدعم هذا إلى إثارة تنافس بين السعودية ودول وهابية أخرى خليجية مثل قطر وإمارة الشارقة.

التعليقات