إشعاعاتٌ ومخاوفُ مشروعةٌ: هل يستخدم الكيان قنابلَ نوويةً كضربته في طرطوس السورية؟

كتبت: أ. ميرنا لحود

متابعة: هلا حداد

منذ سقوط النظام في سوريا، لا تنفك القوات الصـهـ.ـيونية عن ضرب المواقع العسكرية للجيش العربي السوري السابق، لكنَّ الضربةَ الأعنف، منذ عام 2012، جاءت في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2024، ودمّرت منشأةً عسكريةً لصواريخ سكود، في طرطوس. تسببت الضربة بانفجارٍ ضخمٍ وتقاذفت الكتل النارية سحبها إلى أعلى المستويات متراميةً على بعد عدة كيلومترات.

مشاهدُ مرعبة دفعت إلى تساؤلات عن حتمية استخدام سلاحٍ نووي بحجم صغير من قبل الصـ.ـهاينة؛ وتفيد معلوماتُ أجهزة استشعار الزلازل بأنَّ قوةَ الضربة تساوي قوة هزة أرضية بدرجة 3,1 وفق مقياس ريختر. ووصلت ارتدادات القوة إلى تركيا، على بعد 820 كيلومتراً من مدينة طرطوس السورية. ونسبت قنوات صـ.هيونية الضربة إلى كيانها الصـ,ـهيوني ووفق مقالٍ في صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” لقد أبلغ قسم الزلزال في الخدمة الجغرافية “الإسرائيلية” عن هزة أرضية بقوة 3,1 درجةً عند الساعة 11:49 مساء الضربة، ورُصِدَ مركزُ الرجّة، الواقع على بعد 28 كيلومتراً، قبالة ساحل بلدة بانياس”.

أفاد الباحثُ الأميركي ريتشارد كوردارو “بأنَّ إشارة الزلزال الناجم عن القنبلة كانت أسرع بمرتين من سرعة الزلزال العادي”. ويُعتقد بانّه تمَّ استخدام B61 وهي قنبلة نووية منخفضة الطاقة، طوّرتها الولايات المتحدة؛ وأفاد الكابتن كورونادو، وهو ضابط أميركي عضو سابق في الكونغرس الأميركي، على منصة إكيس: ” أنَّ منظّمة مراقبة النشاط الإشعاعي التابعة لوكالة البيئة في الاتحاد الأوروبي أشارت إلى ازدياد كمية الإشعاع في الغلاف الجوي من جنوب تركيا حتى قبرص بَعدَ 20 ساعةً من الانفجار. ويتوافق ذلك مع الرياح الغربية القادمة من طرطوس في ذلك اليوم وتدفّق الغبار النووي إلى جنوب تركيا وقبرص”. وكتب الفيزيائي هانز بنيامين براون على حسابه الخاص في 22 ديسمبر:” لقد أظهرت صور الأقمار الصناعية الجديدة عن حفرة يبلغ قطرها حوالى 41 قدماً، مضيفاً بعد فترة وجيزة عن “بصمة إشعاعية للقنبلة النووية في طرطوس، لقد تمَّ قياسها في قبرص خلال 16 ساعة بعد الهجوم”.

من القنبلة النووية في الحقيبة إلى السلاح الكبير

لم يَكشِف الصـ.ـهـ.اينة، يوماً، عن امتلاكهم الأسلحة النووية كما أنَّهم، في نفس الوقت، لم ينفوا ذلك. وفي إحدى المقالات، لقد كتب الصحافي الاستقصائي سيمور هيرش بأنَّ “إسرائيل” صنّعت حقيبةً نووية عام 1972، وهي عبارة عن رأسٍ نووي صغيرٍ يسهل وضعه في حقيبةٍ، لكنَّ لم يتم تأكيد ذلك.

أمّا المؤكد منه فهو امتلاك الكيان لقذائفَ مدفعيةٍ نوويةٍ ذاتية الدفع يتراوح عيارها بين 175 ملم و203 ملم، ما يعني إمكانية إطلاق القنابل النووية من المدافع ويبلغ مداها من 40 إلى 72 كلم.

ويستطيع الكيان القيام بهجومٍ عن طريق النبض الكهرومغناطيسي النووي (خاصية راديوية كهرومغناطيسية ناتجة عن انفجارٍ نووي وبدوره ناتج عن التغيير السريع للحقلين: الكهربائي والمغناطيسي، ويؤثر على معدات كهربائية أو إلكترونية مؤدياً إلى توليد تيارات كهربائية شديدةٍ ومدمّرة). ويتمتع الكيان بهذه القوة كما أنّه يمتلك قنابل نيوترونية ما يعني أنَّ مستوى الإشعاع مرتفع جداً وواسع التأثير بالإضافةً إلى تطوير الألغام الأرضية النووية.

احتلال الجولان دون أيِّ رادع

ونذكر بأنَّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مدّد مهمة حفظ السلام بين سوريا و”إسرائيل” في مرتفعات الجولان لمدة ستة أشهر. وأعرب الأخير عن مخاوفه بشأن تصاعد الأنشطة العسكرية في سوريا، ورغم ذلك واصل العدو عملياته على طول خط وقف إطلاق النار، وبعد عملية الاستلام والتسليم، في أعقاب رحيل الرئيس الأسد وسقوط النظام، دخلت المجموعات المسلحة واستلمت الحكم في سورية الجديدة فأصبح المشهد أكثرَ تعقداً وغموضاً وضبابيةً.

وبموازاة ذلك، دخل الصهيوني إلى الجولان السوري ووصل إلى جبل الشيخ، المركز الاستراتيجي والهام عسكرياً وسياسياً واقتصادياً؛ إنَّ للجولان أهمية بالغة من ناحية الثروة المائية والمعادن الطبيعية. وفي 20 ديسمبر، لقد مدّد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مهمة حفظ السلام بين “إسرائيل” وسوريا لمدة ستة أشهر. وتبلغ مساحة المنطقة التي استولى عليها الصهاينة في الجولان السوري أكثر من 400 كيلومتر مربع وهي المنطقة المصنّفة “منزوعة السلاح” التي أُنشئت بعد الحرب العربية الصـ.ـهيونية عام 1973 والتي تحرسها الأمم المتحدة (أندوف) لمراقبة “فض الاشتباك”، ولا يُسمح للقوات المسلّحة السورية ولا الصـ.ـهيونية دخول تلك المنطقة بموجب وقف إطلاق النار. دخلت سوريا مشهداً جديداً لكنَّ الشعب السوري الذي طرد المستعمر الفرنسي سابقاً ورفض إملاءاته، لم يقلْ كلمته الأخيرة في ظلِّ هذا المشهد الجديد لسوريا.

العلاج بالصدمة” و”القمع الداخلي”

دروس الماضي للحاضر والمستقبل: عملت الإمبريالية الأميركية الصـ.ـهيونية على تدمير يوغوسلافيا طوال تسعينيات القرن الماضي وقسّمت المناطق مع استقلاليات مريرة لكل منها، مسلّحةً العصابات الإرهابية التابعة لأميركا، فارضةً عقوبات بموجب قرار من مجلس الأمن على ما تبقى من الكعكة بالإضافة إلى قمعٍ داخلي.

ويقول المنسّق السياسي في المنظمة الدولية التقدمية، باول وارجان، بأنَّ مجرد القضاء على المقدرات العسكرية وتحييد الدفاعات بالكامل في سوريا يشي إلى شراء صناعات البلاد بأسعار طفيفة مقابل مطالب بالإصلاحات حتى تتمكّن الشركات الأجنبية من وضع يدها على الموارد. وقال المحلل ألكسندر ماكاي بعد القضاء على “الطاغية” وضرب السيادة من خلال ملاحقة ما يُطلق عليهم “أتباع النظام السابق” و”تقطيع أوصال البلد إلى مربعات” وهو جزء من أجندات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ لقد تحرّرت سوريا ودخلت مربع الاستقلال “الوحشي” برعاية الغرب مثل النموذج اللبناني: تشكيل سياسيين من ثقافةٍ ولونٍ معيّنين، وهم مصنّفون بين الإرهابيين والميليشيات في ظلِّ اقتصاد تسيطر عليه القوى الإمبريالية غيرَ قادرٍ على إنتاج أيِّ شيءٍ وسوقٍ للسلع الأجنبية وجيشٍ، لا حَوْل ولا قوة له، يُستخدم للقمع الداخلي.

التعليقات