إن لم تكشِف لك الحياة عن وجهها في يوم، فلا تقرأنّ هذا المقال. بقلم د. جورج حرب

كتب: د. جورج حرب

اللوحة أعلاه للمخرج GarabetTahmajian 

كي تبقى بخير في 2024، عليك أن تكون قد تعلّمت الكثير، لأنّ كلّ شيء تغيّر، ومواكبة التغيير لا تكون إلّا بتعقّب أساليبه ومستجدّاته، باختصار، عليك أن تلاحظ… عليك أن تتعلّم.
كي تكون بخير، تعلّم فنّ الابتعاد، ليس من منطلق الهروب أو النفور، بل من منطلق تلك المسافة الآمنة الضروريّة لك، لتعزيز قدرتك على رسم الصورة الواضحة أمامك، التي عندما تتوضّح سوف تكتشف! ومن هنا يبدأ الخير، لتنتقل إلى عدم الإصغاء إلى رأي أحد، أيّ أحد، ولتستمع فقط إلى نفسك وما تريده وما تصرّ عليه.
كي تكون بخير، لا تعطِ الفرص الثانية إلّا لنفسك، ولا تعقد آمالاً على أحد ولا تنتظر شيئاً من أحد، فالناس باتوا بمعظمهم يتوزّعون على محاور ثلاثة، منهم من يأخذهم منك القدر، ومنهم من تأخذهم منك الحياة، ومنهم من تأخذهم منك أخطاؤهم، فيلقّنونك درساً على درجةٍ من الأهمّيّة،
كي تكون بخير عليك أن تعرف متى تضع نهاياتٍ للقصص القاتلة، من دون حاجةٍ إلى الأعذار والمبرّرات، وتكون بخيرٍ عندما تدرك أنّ الردّ الأمثل على من ينتظر سقوطك، هو أن تتركه في محطّات الأنتظار مع تذكرة قطارٍ وهميّ لن يسمع صافرته في يومٍ، وكُن كالماء المستور عن البشر، ينحت بلطفٍ كلّ ما يريد نحته، ويروي بشغفٍ كلّ ما يصادفه، فيعود كل شيءٍ معه إلى الحياة، وعند حبسه، يعمد دائماً إلى شقّ طريقٍ جديد له نحو أحلامه ورسالته،
كي تكون بخير، عليك أن تعرف أنّ المعاتبة واللوم وإصلاح البين مع من يريد الابتعاد، خطأ جسيم تدفع ثمنه غالياً في كلّ مناسبة، فمن يريد الرحيل فليرحل، ومن يريد البقاء فليبقَ، ومن فهمَك على حقيقتك هو الرابح، ومن كوّن فكرةً خاطئةً عنك، فليحفظها لديه، وليرحل عنك دون أسف عليه،
كي تكون بخير، عليك أن تعرف أن السّير في الدّروب السهلة يُعتبر روتيناً، أمّا السير بعد الانكسارات التي أصابتك يُعتبر بطولة، كي تكون بخير، لا تنغرّ بعناوين الناس ومظاهرهم، بل إعرف أنّ البشر كتلة أسرارٍ، تفاصيلها هي حقيقتهم، وتكشفها عثراتهم المخفيّة عنك،
كي تكون بخير، عليك أن تعرف وتدرك أنّ أفضل حليف لك ضميرُك، وأن أشرس أعدائك من يحاولون استمالته في يوم، كي تكون بخير، عليك أن تؤمن، أن لا دواء لديك لمن اجتاحته الكراهية، وإيّاك وتضييع وقتك ومجهودك في شرح معاني المحبّة ومحاولة إقناعه بها، بل اطرده كما طرد المسيح تجّار الهيكل، و انهره كما نهر الروح في الأبرص، واطلب خروجه من حياتك كما طلب من يهوذا خروجه من عشائه السرّيّ الوداعيّ،
كي تكون بخير، لا تنتظر شيئاً، لا اتصّالاً ولا مناداةً ولا تكريماً ولا تقديراً ولا وفاءً ولا عرفانَ جميل، بل تجاهل، فأقوى الناس هو المستغني كما قال الإمام عليّ، وبادِر وقارِب مشاكلك بأسلوبٍ جديد، فهذه الدّنيا على جمالها، لا تحترم الإ الأقوياء ولا تتبع إلا المتجاهلين، وناسها، لا يحترمون إلّا المسافات التي بينك وبينهم، لكن اعرف أنّها عادلة وأكثر، شرط اقترابك أنت منها، فالحياة لن تأتي في يومٍ إليك،
كلّ عامٍ وأنتَ بخير

التعليقات