كتبت: حنان فضل الله
غائب زياد الرحباني عن المشهد كله منذ سنوات..
يشتاق إليه الناس، يتوقون إلى متابعة حوار معه، لساعة، لساعات، لأجزاء مرقّمة، يشتاقون إلى أي جديد منه، نغمة، كلمة ومسرحية ولعبة النوتا..
أعرف بأن زملاء كثر يحاولون بين “عصة” وأخرى من “عصات” البلد، أن يستضيفوه، لكنه مبتعد.
غيابه يعنينا، أسبابه تعنيه وحده.. للشوق إليه نكهة أخرى، ليست نكهة روح “النكتة” التي “يغشى” عليها كل من استضافه، إن سألوه فأجاب بطريقة ساخرة، يروحون في نوبات ضحك “هستيرية” غالباً.. وفي حشرجات اختناقية في بعض الأحيان.
لا. للشوق إليه نكهة الحاجة..
نحتاج زياد الرحباني اليوم، وذكاءَه ومنطقَه في تحليل الأمور.. نحتاج نظافة الرؤيا التي تميّزه.. في السياسة والرأي والتمحيص، كما في اللحن والكلمة والتعليق.
غائبٌ زياد قرفاً!؟ مراقباً؟! منتظراً جلاء الأمور التي يوماً لم تنجلِ!؟ ويبدو أن عقدَها تستعصي أكثر على أي حلحلة؟
نسأل في سرّنا ومع الأصدقاء.. ترى ما رأي الرحباني الأصيل في الحاصل السياسي؟ في القضاء؟ في قصاصات ترمى على الشعب بالجملة ضغطاً حتى الإفقار؟ في الشحادة؟ في المصرف المركزي وحاكمه- حاكمنا؟
ما موقفه من الشعب؟ الشعب؟ المسكين؟ مسكين؟ الشعب المسكين الذي قدّم له نشيداً ذات مسرحية.. هل لا يزال مسكيناً برأيه.. أم شريكاً كون التوك “منّو وفيه”!!
ما موقف زياد الرحباني من انفصاماتنا.. كشعب.. يعاني من فجّ و”غميق” ويفرفش وكأن شيئاً لم يكن!! من لا يصدّق موضوع الفرفشة، فليقم بزيارة ليلية إلى شارع الجميّزة ورفيقيه في السهر والفقش المدوّر ومار مخايل!! مثلاً لا حصراً..
ما موقفه من جثث الهاربين على زورق الموت الباقية ينهشها السمك ولم يستخرج بقاياها أحد؟ هي بقيت بقايا؟
وارتفاع “تقريشة” الدولار.. ومعه الأسعار؟ وجشع التجار؟ وتفقيس طبقة النفاريش الأثرياء الجدد.. والمنصات؟ والسوق السوداء؟ وطوابير البنزين؟ والحدّ الأدنى للأجور؟ وحليب الأطفال؟ ودواء مرضى السرطان؟ ومعاناة غاسلي الكلى؟ وانقطاع النفس الآتي بـ.. هاليومين؟
ما الحزن الذي يغلبه؟ والخيبة؟ ما الحيرة التي تربكه كي لا يحكي ولا يقول شيئاً؟
وليس آخراً.. نتساءل أيضاً، مع من يعنينا أمرهم، ما رأي زياد الرحباني في “السَيَبان” الفني؟ في مَنْ يتجرأ ويمنع السيدة فيروز من تقديم أغنياتها- أغانينا كلنا.. ويسمح للنشار في أن “تزيزق” على أحد المسارح في إحدى الليالي فتحوّل ليلة الأمل كابوساً سمعياً قهّاراً؟ ولم يكن ينقصها إلا أن تطلب أن يعدّ لها “أحدهم” (صار لقبه موسيقاراً، مع أنه موهوب.. لكن “يا ضيعانو”..لم يكن ينقصها إلّا أن تطلب منه أن “يلحّم” لها أغنية طقوا موتوا بغيظكم، فتبخّها على كل من يغارون منها، من حلاوة صوتها وكماله، ومن دلقة “بزازها”!!
ما رأيه بفانزات العنزات؟ في أن الغناء النشاز يتصدّر التراند ومعه صوت الـ “بزاز”!! ومغنيةٌ صوتها من زلعومها المحشور بين الثديين؟! المصرّة على “دلقهما” عبر الديكولتيه متحدّية الـ.. احتلال الإيراني؟!
متى يطلّ زياد الرحباني؟ مع من؟ هل من يخبره أننا اشتقنا.. كثيراً جداً؟
(الصورة من أرشيفي الخاص)