كتبت: الباحثة أ. ميرنا لحود
متابعة:هلا حداد
نقرأ في سِفْر حزقيال النبّي في الآية 18 من الفصل العاشر “وخَرَجَ مجدُ الرَّبِّ من على عتبة البيتِ وَوَقف على الكَروبينَ”، ما يعني أنَّ الرَّبَ هجَرَ المعبد الذي لمَسَه التدنيس وارتفع إلى العَلي فأتى الكَروبونَ ومجّدوه في غياب الإنسان المخلوق على صورته، كما كُتب في سفر التكوين في الآية 27 من الفصل الأول: “فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ، عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْا”. منذ بداية العهد مع الإنسان لقد أعطى اللهُ خارطةَ طريقٍ الخلاص المتمثلة بالبركة أو اللعنة. فالابتعاد عن الخالق يُدخل الإنسان في دهاليزَ يصعُبُ الخروج منها دون سلاح الإيمان المسعف والضروري للحياة لأنها ممرٌ مُعتِم يحتاج دائماً إلى نورٍ يضيء الأيام الكالحة وينجي من الهلاك الجهنمي في الدنيا والآخرة.
ترميم كاتدرائية سيدة باريس الجديدة.. نحو متحف برّاق!!!
كل ما يرشح من الترميم، لكاتدرائية سيدة باريس الجديدة، لا يعكس إلاَّ ضوضاء المتاحف البراقة بعيداً عن المغزى الروحاني والجمال الفني الأصيل الذي تأثّر به الكون رافعاً الإنسانية والثقافة والعلم إلى درجات اختزنها التاريخ. جاءت ساعة الحقيقة لتقول بأنَّ أبناء الشيطان لوسيفر أي “الماسـ.ونية الصهيـ.ونية” ها قد استلموا، وبكافة الجوانب، المعالم الروحانية للكنسية في فرنسا، ليمحوا آثار الله الخالق وآثار السيد المسيح المخلص، ومكانة والدته السيدة العذراء مريم، حتى يتبوأَ الإنسانُ مكان معرفة الخير والشر وتنحرف الأنظارُ عن الخالق باتجاه المخلوق الإنسان أي الضعيف الهزيل. فتتوقف الأذهان على هشاشة وعظمة الكبرياء المنتفخ والوقاحة الولاّدة المُعدية في غياب الإيمان الضابط والجامح لأيِّ انحراف في مسيرة الإنسان المغرور والمتهوّر الذي ينعم بخيرات الله من أرض وسماء وطبيعة ليست من إنجازاته ولا من كرم أخلاقه. فها هو المغرور يصمم كاتدرائيةً جديدةً وعالماً جديداً محفوفاً بالأنوار والألوان واللمعان المُغشي، الحاجب للثقافة والروحانية وللحكمة الضرورية لانتظام الحياة خاصةً في اللحظات العصيبة.
أضاؤوا الكاتدرائية بألوان مصطنعة
كل شيء يلمع داخل الكاتدرائية ولا حاجة للشموع التي تعبر عن الدعاء والصلوات. لقد أضاؤوا الكاتدرائية بأنوارٍ مصطنعة مؤذية للنظر مانعة للخِلوة والصلاة. سابقاً، رغم أنها كانت متحفاً، كنت تجد مكاناً في إحد المصليات لتناجي الرب أماّ اليوم فالمتحف ازداد ضوضاءً ليضاهي قصر الملك لويس الرابع عشر في فرساي. ولا أحد يعترض رغم امتعاض بعض المؤمنين حتى القيمين انزلقوا طاعة إلى الماسونية الصهيونية الخبيثة، أمّا الضمير النائم فيرقص فرحاً للإنجاز ويبتهل ويرنم مع جوقة المشعوذين دون أنْ يفقه ما يُحاك له وعلى حسابه.
الرقم الملعون ليس صدفة!!!
لم تسلم أواني القداس من التَغْيير ومعها ثِيَاب الكاهن لما تحمِله من معانٍ روحانية غالية القدسية وكذلك المذبح الذي نجا من الحريق بمعجزة ربَّانية. لقد استبدلوا المذبح بآخرَ شبيه بما هو مستخدم في معبد البدعة الماسونية ـ الصهيونية التي تقدّم عليه “المذابح” من حيوانات وبشر خاصةً الأطفال إلى لوسيفر، وفق شهادات أشخاصٍ كانوا ناشطين في المجمّع الشيطاني (1). دخل لوسيفر أكثر فأكثر إلى بيت الله مُحوّراً المعالم الروحانية شكلاً ونوعاً مثل نقشة المحيط المعين السوداوية اللون ومغزاها الجنسي، في بلاط الكاتدرائية منذ العام 1771، واستُكملت اليوم إلى كافة الكاتدرائية. أمّا المكان المخصص للحفاظ على إكليل السيد المسيح الغالي القدسية فقد طرأ عليه تشكيلة فنية جديدة تثير الاستغراب المخيف لما تحمله من معانٍ شيطانية مثل العين الماسونية الثاقبة في نصف الدائرة، وعلى مدار الدائرة كتل زجاجية يصل عددها إلى 396 ما يساوي *666 الرقم الشهير لإبليس (666) وهذه ليست بصدفة. بالإضافة إلى ما يعنيه هذا الشكل للبدعة والمعنى الممتد من الكابال التلمودي. علاوةً على ذلك تتصدّر الملامح الجنسية في أماكن معينة مثل وعاء المعمودية وملامحَ غريبة أخرى مثل اللون الأزرق الفاقع في الأيقونة الموجودة في عُقدة سقف الكاتدرائية، واللون عبارة عن نسخة في معابد الشيطان الماسوني الصهيوني.
تحركات قبل الحريق
يعرف الجميع بأنَّ خشب البلوط الصلب المعتّق كالموجود في هيكل قبة كاتدرائية سيدة باريس لا يحتاج إلى أي مادة للحفاظ عليه خاصةً كـ “الحارقة” التي استُخدمت. وتخضع الكاتدرائية إلى صيانة عالية المستوى والمهندس الذي كان يشرف على المشروع حتى تبديله أكدَّ على ذلك. أما الشركة التي حصلت على امتياز لاستلام مشروع صيانة الكاتدرائية فلم تكن متخصصة في صيانة الخشب. وتتقاضى الشركة مبلغاً كريماً وهناك تشابك مصالح ما بين القيمين على المبنى أثرياً وتاريخياً وهناك أشخاص من المخابرات الفرنسية وقصر الإليزيه يشاركون مباشرةً وبعض الروحانيين لنقل لا حول ولا قوة لهم.
الكنيسة برمزيتها
وتمثل كاتدرائية باريس التي تحمل اسم السيدة العذراء التشبث والتمسك بالمسيحية وبتقاليدها الإنسانية وتعكس تاريخ فرنسا الروحاني الذي أعطى الكنيسة عدداً مهماً من القديسين. إنَّ تاريخ العاصمة يترافق مع تاريخ بناء الكاتدرائية ويعكس تعبيراً بالشكر لله ولوالدة الإله القديسة مريم لأنَّها حفظت السكان وأبناء العاصمة من مصائبَ ومكايد الشيطان. وهي دائماً العون كما كُتب في كتاب الرؤية، وكان ملوك فرنسا يحجّون إلى الكاتدرائية الحاضنة للديانة وعظمتها الروحانية.
حريق مفتعل؟؟!!
إنَّ كاتدرائية سيدة باريس واحدة من كاتدرائيات فرنسا البالغ عددها ثلاث عشرة كاتدرائية ويرمز هذا العدد إلى السيد المسيح وتلاميذه معاً. وتتخذ الكاتدرائيات اسم والدة الإله نظراً للتراث المسيحي الفرنسي المتعلق بالسيدة العذراء شفيعة فرنسا. لقد نشب الحريق في 19 من آذار عام 2019 الموافق في بداية أسبوع الآلام أي قبل ستة أيام من عيد الفصح، عيد قيام السيد المسيح من بين الأموات. وقتها بدأت التساؤلات عن معنى هذا الحريق الغريب، وعددٌ من المتخصصين أعربوا عن استغرابهم حيال كيفية حصول حريق كهذا إلى حد القول بأنَّه أقرب إلى حريق مفتعل بالإضافة إلى التوقيت الذي شغل كافة المؤمنين الذين قرأوا هنا وهناك عن احتمال حرق كاتدرائية سيدة باريس لما تحمله من رمز بالغ العظمة للمسيحية في فرنسا ولتاريخها.
بعض التواريخ والحسابات الإبليسية الخبيثة لبدعة إبليس
في القرن الرابع، أصبحت باريس عاصمة مملكة الفرنجة مع كلوفيس الأول. وعمد مطران باريس، موريس دي سيّي، إلى تشييد كاتدرائية كبيرة لاحتواء العدد الأكبر من المؤمنين ووُضِع الحجر الأول عام 1163 واستغرق البناء ثلاثَ سنوات. ولم تنتهِ الواجهة إلاَّ في عام 1250 والكاتدرائية في عام 1345 . واشترى القديس لويس التاسع إكليل آلام السيد المسيح بثمن يفوق ميزانية مملكته عام 1239. وتحتفظ اليوم كاتدرائية سيدة باريس بإكليل شوك السيد المسيح بعدما كان في الكنيسة المقدسة الواقعة في قصر العدل، على بضعة أمتارٍ من الكاتدرائية. وفي القرن السابع عشر، قدّم الملك لويس الثالث عشر فرنسا إلى السيدة العذراء طالباً رعايتها وحمايتها. واتخذت الكاتدرائية اهتماماً خاصاً روحانياً مسيحياً على مرور السنين من الملوك والشعب المؤمن لتصبح معلماً مشحوناً بالإيمان والتاريخ والروحانية والبناء.
أما الحريق الذي نشب في 15 أبريل/ نيسان من العام 2019، أي ستة أيام قبل عيد الفصح المجيد، عيد قيامة السيد المسيح من بين الأموات، ونسف قبة الكاتدرائية المعروفة بغابة الخشب، فقد جاء في توقيت مبرمج. نقرأ في سفر التكوين أنَّ الله خلق الكون في غضون ستة أيام، واستراح في اليوم السابع بعد أن ترتّب الكون وتنظّم. ويرمز الرقم إلى الاتجاهات الستة في الفضاء وفي هذا اليوم أيضاً خلق الله الإنسان. وبدعة الكابال تستخدم هذا الرقم لرموز شيطانية بما فيها الصراع بين التقاليد السوداوية القديمة والمستقبل الغامض الراضخ للمادة السوداوية بالنسبة لهم. ويَعتقد عددٌ من المؤمنين بأنَّ اختيار هذا اليوم ونظراً لرمزية الرقم هو تحذيرٌ لما يُحاك للمسيحيين وابتعادهم عن ديانتهم وتعاليمها وعدم التعمق في كلام الله المنير لكل ظلمة. إنَّ اليوم 15 زائد الشهر 4 زائد 2019 يساوي 2038 أي 2 زائد صفر زائد 3 زائد 8 يساوي 13 الذي يعني الموت بمعنى التغيير الجذري أو الضبابي من شدة الحريق. ويرمز الرقم 15 إلى إبليس و4 إلى الإمبراطور كما يرمز الرقم 20 إلى المحاكمة والرقم 19 إلى الشمس. وأربعة هو نتيجة الجمع لرقم 13 أي واحد زائد 3 يساوي 4 ما يعني الإمبراطور.
الخلاصة: تشكل الديانة المسيحية عقبةً لإبليس لوسيفر في بسط النظام العالمي الجديد، ولتنفيذ المشروع يحتاج إلى أشخاص ترضخ دون مساءلة والديانة المسيحية تنوّر بكتابها المقدس ما لا يريده إبليس لذا تضرب وبوسائل متعددة، على غرار الحريق ليأتي بعده الترميم ويكون مخالفاً لتعاليم الكنيسة بأشكال وألوانٍ براقة تُبْهر العين وتُغشي البصر والبصيرة وتزيد من الغافلين.
ملاحظة: إنَّ إهمال كتاب الله المقدس المُنوّر وعدم التبحر فيه يخدم إبليس في تنفيذ مشاريعه الجهنمية. فالشيطان وجماعته لا يعرفان البطالة. لذا على المؤمن أنْ يعمل ويكدّ في دراسة كتاب الله كي يتجذر في إيمانه ويكون الروح القدس الملهم الوحيد لذهنه والمنبّه والمنقذ من الهلاك في الدنيا والآخرة. إضافةً إلى ذلك، لقد أعطتنا السيدة العذراء سلاحاً من السماء وهو السبحة، ففي كل ظهوراتها تأتي بسبحتها وتناشد المؤمنين بتلاوتها السبحة يومياً.
تحذير: أيها المؤمن، قبل أنْ تدخل الكاتدرائية لا تنسَ سُبحتك ولا تدخل كما لو أنك داخل إلى متحفٍ حتى مع تحول الكنيسة إلى قصرٍ، أُدخل بخشوع وتلو صلوات بعمق حتى ولو غاب عنك الإيمان تسلّح بالصلاة كي لا يمسّك الدنس وتكون بذلك قد نظفت ما استطعت من التدنيس، وأجرك عند مريم العذراء سلطانة السماوات والأرض.