كتبت أ. ميرنا لحود
متابعة: هلا جداد
الصورة أعلاه للمخرج @GaroTNT
#garabettahmajian
سقوط الإمبريالية الأميركية العاكسة لمرآة انهيار الاتحاد السوفياتي
بعد أنْ فقدت أميركا عظمة إمبرياليتها، تُسارع اليوم للحفاظ على ما تبقى من أميركا المعروفة بحدودها وفق الخارطة الجغرافية لا السياسية. لذا تقود الإدارة الأميركية “مشروع إعادة أميركا عظيمةً من جديد”، وفي أغلب الظن قد يكون الجنرال مايكل فلين هو من ينسق في الكواليس، لأنَّ التهالك الداخلي لا يسمح بالتوسّع الخارجي ولا بعمليات شن الحروب للـ سي آي أي ولا للمشاريع الخبيثة لنواةٍ في البنتاغون (أتباع بول والفوفيتس). فالخراب لم يضرّ فقط بمن تصفهم أميركا “أعداءها” إنما ناقوس الخطر الذي رُفع منذ سنوات بدأت مساحاته تجتاح الأراضي الأميركية ليعمّ الخرابُ في أماكن كبيرة منها حتى جعل البعض على شاكلة الجنرال فلين يخطط للذهاب إلى مشروع “اللّملمة” لأنَّ الخسارة في هذا النوع من الأزمات قد لا تعوض وتكون الخسائر أكثر مأساويةً.
إنهيارات مُعاشة.. جداً!!
تمرّ أميركا بالظروف نفسها التي عرفها الاتحاد السوفياتي عشية انهياره. ففي عام 1989، عمد مخائيل غورباتشيف إلى تقليص أنفاق الدولة موقفاً المساعدات لحلفاء الاتحاد والتحنن عليهم بحرية حتى باشر سكان ألمانيا الشرقية بإسقاط جدار برلين وصعدت بولندا إلى انتخاب أعضاء أولى حكوماتها. تعيش أميركا في هذا الجو من التراجع بعد أنْ وصل الدَين العام إلى 34 مليار دولار وحيث الربع قي قبضة المستثمرين الأجانب وفق مجلة فوربس وفي الطليعة الصين والمملكة السعودية. لكنْ في حين قرر واحدٌ من الاثنين استرجاع الأموال فسوف تنزلق أميركا إلى ركودٍ حادٍ ليكون شبيهاً بالأزمة الاقتصادية لعام 1929. ولا بدّ من التذكير بأنَّ السبب الرئيسي في هذا الانكفاء، هو تراجع التعامل بالعملة الأميركية، في التبادل التجاري والمالي عالمياً. إنَّ سياسات العقوبات الأميركية التي فرضتها على أعدائها أدّت بالبلدان المتضررة إلى ابتكار استراتيجيات تساعد في التملص من الدولار في التعامل المالي العالمي. وتشكّلت منظومات مالية يتم استخدامها حتى ولو لم تصبح منظومة عالمية كما حال الدولار في الأسواق العالمية.
أولوية أميركا
تحاول أميركاـ ترامب إعادة هندسة أعباء الديون عبر تنظيم التجارة العالمية والرسوم الجمركية وذلك بخفض قيمة الدولار، ما يفدي إلى تخفيف كلفة القروض ويدفع بالصناعة الأميركية أسوةً بمستوى منافسيها عالمياً. ويُستشفُ من كلمة الرئيس ترامب في منتدى دافوس، في 22 كانون الثاني 2025، نوعاً من هذا السياق أو ميلاً لهذا المسار. وهناك سابقةٌ لأميركا في هذا الصدد: في عام 1975، لقد عمِلت بهذه الخطة حتى رفعت من حجم الصادرات بفضل التخفيض في سعر العملة، ما أدّى إلى إنعاش الاقتصاد الأميركي والتسبب بالركود في الاقتصاد الياباني. وفي 21 و22 كانون الثاني من هذا العام خلال اجتماع في منتجع مار إيه لاغو بين ترامب ورؤساء البنوك ووزراء المالية لدول مجموعة السبع G7، فرض الرئيس الأميركي توقيعاً على اتفاقية تنصّ على القبول في التعامل مع فكرة ” إصدار من الخزانة الأميركية سندات دون فائدة مالية لا يمكن استبدالها مقابل الأموال إلاَّ بعد مئة عامٍ”، ما يعني أنَّ أميركا تريد إجبارَ حلفائها على تحويل مستحقاتهم إلى قسيمة صفرية لا تُترجم بفوائدَ أو منفعة مالية.
تهديدات لتحريك المسائل العالقة
تُرجمت تهديدات ترامب لكندا في استئناف تشغيل خط أنابيب “كيستون” لنقل النفط بين كندا وأميركا مع القول لحزب مافيا الخضر بأنَّ “مشاريعكم الكاذبة لن تمرَّ عندما يتعلق الأمر بمصلحة أميركا”. أمّا تهديد ضم غرينلاند فجزءٌ منه يتعلق بتحريك عملية إصلاح “خط نورد ستريم 2”. فهذه رسالة أيضاً للدانمارك التي تنصاع للـ سي آي أي، وترفض التعامل بهذا الحل. كما بات معلوماً أنَّ الأخيرةَ أي الـسي آي أي، هي من أشرفت وصمّمت ونفذت التفجير المضِّر بمصالح الجميع بمن فيهم روسيا وكافة الأوروبيين الذين يتنازلون بغباوةٍ عن مصالح أوروبا. تمتلك روسيا من الخط 50% والنصف الآخر يعود لشركات أوروبية منها الألمانية BASF/Wintershall وUniper وإنجي الفرنسية والشركة النمساوية OMV والبريطانية ROYAL Dutch Shell.
أدّى التخريب إلى شلّ حركة الاقتصاد الألمانية التي بدورها أثرت على كافة أوروبا مع ارتفاع جنوني في أسعار النفط لكل الأوروبيين. أهدر الأوروبيون مصالحهم لحساب حليفهم الذي أغرقهم حتى التفكك وها هم لغباوتهم يتنافسون على القشرة. من المؤكد أنَّ أميركا لا تريد التعاون مع الأوروبيين لأنّهم من أتباع الدولة العميقة التي يحاربها ترامب. فغالبية القادة في الغرب عموماً هم من مجموعات تابعة للدولة العميقة في أميركا مثل بيلدربوغ أو منتدى دافوس أو منظمات سوروس أو غيرها من الأسماء الخبيثة التي تشغل شبكات للدعارة تتعلق بالتحرش الجنسي خاصةً الأطفال وقتلهم وبيع الأعضاء في الأسواق العالمية. كما هو بات معروفاً عن مجموعة بيلدربورغ.
أما أوكرانيا..
أمّا في ما يتعلق بأوكرانيا فالمسألة شبه محسومة لأنَّ المجلس العسكري الذي يدير الحرب هو من الحركة الأصولية الوطنية الأوكرانية المعروفة بنازيتها.
لا تريد أميركا التعامل مع إرهابيين قتلة مدعومين من الدولة العميقة. ويبدو أنَّ أميركا بدأت تسحب عناصرها المتواجدين في بولندا ونسقت من خلال ستيف ويتكوف تبادل الأسرى من الروس والأميركيين. فلا يمكن القبول بتمدد النازيين ومن يدعمهم من الأوروبيين والغرب. ولا يستطيع الغرب، خصوصاً أوروبا، القيام بدور أميركا في الدعم العسكري فكل من فرنسا وبريطانيا يحاولان أخذ مكان أميركا في القارة العجوز أي التنافس على زعامة متهالكة ومفككة. لقد قام النازيون، أتباع ستيفن بنديرا وديمتروف دونتسوف “الفيلسوف” (الذين اشتهروا في إجرامهم خلال الحرب العالمية الثانية وتمّ تدويرهم ثم قتلهم) أي زيلنسكي ومجلسه العسكري، بقصف المحطة الأساسية الروسية لخط أنابيب بحر قزوين التي أضرّت بمصالح أميركية للشركات التالية Mobil 7% وChevron 15% وإيني الإيطالية 2%ويُؤمّن هذا الخط النفط لكيان العدو. ما يعني أنَّ أوكرانيا وسعت حربها لتطال أميركا وإيطاليا ولو بطريقة غير مباشرة وهذا مرفوض عند ترامب، لا مسّ بالمصلحة الأميركية سواء أكان بشكل مباشر أم غير مباشر، إضافةً إلى كلفة الحرب التي تريد التملص منها أميركا، فأيام زيلينسكي معدودةٌ. والتفاوض على أوكرانيا لن يكون إلاّ في مصلحة روسيا وأميركا وبالتوافق.