كتب الأستاذ فادي بودية، رئيس تحرير شبكة مرايا الدولية
لبّى رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله السيد ابراهيم رئيسي دعوة نظيره الروسي فخامة الرئيس بوتين التي حملها دبلوماسي عريق باليد إلى القيادة الإيرانية منذ شهرين تقريباً.
السيد رئيسي يعدّ من صقور التيار الأصولي والصديق المقرّب الى الشهيد سليماني بما يمثله من سلوك ونهج داخلي وخارجي، سياسي واقتصادي وبلوماسي وعسكري.
هذه الزيارة تأتي ضمن سياق القناعة الثابتة والراسخة لدى القيادة الإيرانية بأهمية تحصين العلاقة الإيرانية الروسية بإتفاقيات اقتصادية وأمنية وعسكرية وتكنولوجية وثقافية ، وضرورة الحفاظ على الثوابت لكل دولة حتى يتم “طرد الشيطان من كل تفصيل”.
في الشكل، الزيارة احتلت اهتمام الصحافة العالمية بشكل واسع مع التركيز على كل تفصيل: صلاة السيد رئيسي في الكرملين، انطباعات وجوه الرئيسين خلال اللقاء، الاهتمام البالغ الذي يوليه قسم التشريفات والبروتوكول لهذه الزيارة.
أما في المضمون، فصلاة رئيسي في الكرملين عكست تمسك كل طرف بمبادئه واحترام الطرفين لها وهذه سمة العلاقة، وفي عمق الحوار كان واضحاً التقدير العالي الذي يكنّه الرئيس بوتين الى الامام الخامنئي وإعجابه بشخصيته الفريدة ورغبته العميقة في التعاون مع إيران على شتّى الصعد والمجالات، فإيران حليف استراتيجي صادق، وقوة دولية صاعدة وروسيا دولة عظمى بموقعها الجيوسياسي والحضاري والعسكري.
وقّع الطرفان العديد من الاتفاقيات الاقتصادية في مجالات عدة أبرزها الطاقة والتكنولوجيا والزراعة والصناعة بمليارات الدولارات، وايضا في المجال العسكري حيث برز الحديث عن التعاون في شراء منظومة s300 وطائرات سوخوي 35، وفي المجال الأمني حيث تم توقيع اتفاقية سابقة بين الأمن الروسي والإيراني لتعزيز مكافحة الإرهاب، وعلى المستوى النقدي تم إقرار التبادل التجاري بعملة البلدين دون الحاجة إلى الدولار.
ولا شك أن الكلام الأعمق كان في مسار الاتفاق النووي الإيراني حيث لعبت روسيا دوراً كبيراً في مساندة إيران ودعمها بوجه التسلط الأمريكي.
ولم يغفل الجانب الثقافي الذي يُعنى بشعبي البلدين حيث تم الاتفاق على تفعيل المراكز الثقافية لتعزيز التبادل والتفاعل بين الحضارتين.
ولأنّ إيران دولة إسلامية كان للسيد رئيسي لقاء مع المفتي “الشيخ راوي” بما يدلّ على الاهتمام الإيراني بالعلاقة مع مسلمي روسيا بما يضمن التقريب بين المذاهب ويحقق الوحدة الإسلامية التي تؤمن بها إيران من جهة وتدعمها روسيا من جهة أخرى.
هذه القمة هي امتداد للقمم التي عقدتها كل من روسيا وايران مع الصين والهند وغيرها من الدول بالتزامن مع تصاعد الرقص الأمريكي على تخريب البيوت الداخلية لروسيا من جهة ومحاصرة إيران من جهة اخرى.
خطاب السيد رئيسي وسط انشداد كبير من أعضاء مجلس الدوما بمختلف انتماءاتهم يعكس الاحترام الكبير الذي حظي به الرئيس الإيراني في ضيافة نظيره الروسي بما يدلّ على تطوير العلاقة وانسحابها على مختلف هيكلية الدولة وصولاً الى الشعبين، وهو ما يعكس تحالفاً استراتيجياً عميقاً واسعاً يقلق الولايات المتحدة الاميركية وأوروبا خاصة على صحة الدولار وعافية التداول به وارتباط العملات برضاه.
القمة الروسية الإيرانية دعمت فعالية منظمة شنغهاي والاتحاد الأوراسي لتكوين تحالف يكون شريكاً فعلاً في إدارة العالم بعدما أسقط ثلاثي إيران وروسيا والصين الأحادية القطبية ولم يبقَ أمام أمريكا الا احد الخيارين: الحرب أو التسليم.