سيادة المطران عطالله حنا لـ حرف عربي+: صامدون ولن نرفع الراية البيضاء.. منتصرون وقضيتنا لا تسقط بالتقادم

كتبت: حنان فضل الله

هو سيادة المطران عطالله حنا، السيّد الحرّ العربي الفلسطيني، قائل كلمة الحق والداعي إلى مزيد من الإنسانية وهو المنتصر دوماً للقضية.. 

مؤمن بأحقية أصحاب الأرض الذين يواجهون احتلالاً واستعماراً وظلماً لا مثيل له في التاريخ.. وسياداته ورغم الجرح النازف والدمار المرعب والخسارات البشرية والمادية المهولة، مصدّق للانتصار وبأن الاستسلام غير وارد ولا رفع الراية البيضاء استسلاماً رغم الثمن الباهظ، فإن الحرية هي هدية الصابرين المُحتسبين. 

نطرح عليه أسئلة قليلة، ونشكره على الإجابات، ولا ننسى أن نعدَ أنفسنا بالاحتفال مع سيادته بالنصر المؤزّر، آملين أن نزور القدس الشريف والأقصى المبارك برفقته، وهناك نزرع قبلة على بده وصليبه ورأسه، رغم أنف الكارهين المضلّلين الصامتين المطبّعين الخانعين المتورّطين.

سيادة المطران. كل التقدير والدعم من لبنان لكم.. في الوقت الذي نرى فيه هبّة شعبية طلابية ومجتمعية أوروبية وفي بعض المدن العربية-تشعرنا جميعاً بالخيبة والإحباط خصوصاً حين نرى الحراك الشعبي العربي ضعيفاً كمقارنة.. لماذا برأيكم؟

حقيقة هناك حراك في سائر ارجاء العالم مناهض للحرب ومؤازر للشعب الفلسطيني ومطالب بتحقيق العدالة في فلسطين، فهناك شرائح كبيرة وواسعة من أكاديميين وإعلاميين ومفكرين وغيرهم، الذين يطالبون بوقف العدوان، ونحن نعتقد أننا نشهد في الآونة الأخيرة اتساعاً في رقعة الوعي والإدراك والمعرفة أن هناك مظالم يعاني منها الشعب الفلسطيني، وهذه المظالم يجب ان تزول لكي ينعم الفلسطينيون بحرية طال انتظارها وفي سبيلها قدّموا ولا يزالون التضحيات الجسام.

هنالك حملات نحن على تواصل مع الكثيرين من هؤلاء من الكنائس والجامعات والشرائح الواسعة والمتنوعة ومن كل الأديان وللأعراق وحّدتهم فلسطين وغزة ومعاناة الشعب الفلسطيني طبعاً، نحن نتمنى أن يكون هناك حراك مشابه في الجامعات العربية والأقطار العربية الشقيقة. كانت هناك بعض النشاطات والمؤتمرات والفعاليات والتي يبدو أنها لم ترقَ الى المستوى المطلوب. نحن هنا لا نريد أن نعاتب أحداً ولا أن نهاجم أحداً، فهذا ليس دورنا، بل نحن نؤكد للعرب جميعاً من المحيط الى الخليج، نقول لكم إن قضية فلسطين هي قضيتكم، وأنتم عندما تدافعون عن القضية الفلسطينية، تدافعون عن أنفسكم.. والذي تآمر على فلسطين لا يمكن ان يكون صديقاً لكم، من يقتل شعبنا في غزة ومن يتآمر على القدس والضفة، لا يمكن أن يكون صديقاً لكم لذلك لا تثقوا بهذا الاحتلال الغاشم.

إن دفاعكم عن فلسطين هو دفاع عن أنفسكم وأقطاركم وعن شعوبكم، لذلك فإننا نتمنى أن يكون هناك حراك.

حتى اليوم الحراك في العالم العربي كان ضعيفاً نتمنى أن تتغير هذه الحالة، وان يكون أكثر فعالية وقوة، كي يوصل العرب رسالتهم الى كل مكان، فهذه القضية قضيتهم والتآمر على فلسطين هو تآمر عليهم.

اما نحن الفلسطينيون، فلسان حالنا يقول لن نرفع الراية البيضاء مهما اشتدت حدة المؤامرات والمحاولات الهادفة لتصفية القضية والتآمر على الشعب الفلسطيني نحن صامدون، ثابتون، متمسكون بانتمائنا لهذه الأرض وكلمة استسلام ليست في قاموسنا. الفلسطينيون رغماً عن كل الدماء والتضحيات، متمسكون بكل ذرة تراب من ثرى فلسطين. هذه القضية التي لا تسقط بالتقادم.

الفلسطينيون اللاجئون والمنكوبون منذ عام 1948 يجب أن يعودوا الى وطنهم، فهذا الوطن هو وطنهم وليس للمستعمرين المحتلين الذين أوتيَ بهم من هنا او هناك.

ما الذي يمكن أن يوقف الحرب على غزة وشعبها؟ الصمود؟ مزيد من المواجهة؟ معجزة صفقة وقف اطلاق النار؟ تفاهمات تحت الطاولة؟ والعدو لا يرحم..

الفلسطينيون لسوا في عجلة من أمرهم، كي يقبلوا بحلول استسلامية، منذ زمن بعيد فرضت عليهم حلول لم تكن منصفة ولا عادلة، ولم يقبلوها. الفلسطينيون الذين صمدوا منذ عام 48 هم مستعدون للاستمرار في الصمود ولن يستسلموا ولن يقبلوا بالأمر الواقع الذي يريد الاحتلال أن يفرضه عليهم. أعتقد بان الحرب سوف تنتهي وسوف تتوقف لا نعلم متى بعد أيام، أسابيع، لا يمكننا أن نتكهّن ولكن سيأتي يوم تتوقف الحرب فيه. ما هو الإنجاز الذي حققته اسرائيل؟ سوى أنها دمّرت وخرّبت وقتلت وامتهنت جق الشعب الفلسطيني في أن يعيش في وطنه وأرضه.

اسرائيل فشلت ولم تحقق ما كانت تنادي به، صحيح ان الثمن باهظ، وهناك كمّ هائل من الشهداء والدماء، ولكن بالمقابل فإن الفلسطينيين يدركون جيداً أن الحرية لا تقدّم لطالبيها على طبق من ذهب. كل الشعوب في هذا العالم- التي عانت من الاستعمار والاحتلال وغير ذلك- نالت حريتها بالتضحيات. والشعب الفلسطيني يضحي، نحن بالنسبة لنا كل قطرة دم فلسطيني في غزة والضفة وكل مكان هي غالية على قلوبنا واعتقد بأن هذه التضحيات وهذه الدماء لن تذهب هدراً وثمرتها ستكون الحرية ونحن مقبلون على مرحلة فيها انتصارات.

هناك آية في الانجيل المقدس تقول بأن المرأة عندما تلد، عندما تكون في حالة مخاض، تشعر بالألم ولكن عندما يأتي الطفل تشعر بالفرح والابتهاج، لأنه هناك طفلاً أتى إلى هذا العالم، نحن نمر بمرحلة مخاص فيها ألم ووجع ومعاناة دماء وشهداء، لكن بعد هذا، نحن حتماً سننتقل الى مرحلة جديدة فيها الحرية.

لا يمكن أن يبقى الحال كما هو، لا يمكن أن يبقى الاحتلال، الفلسطينيون موجودون ولن تتمكن لا إسرائيل ولا أي قوة أخرى أن تشطب وجود الشعب الفلسطيني.

شعب موجود، له حضوره وانتماؤه وجذوره العميقة لذلك نحن متّكلون على الله، نصير المستضعفين والمتألمين والمضطهدين في هذا العالم، ومتكلون أيضاً على شعبنا ووعيه وحكمته. ونحن في وقت نحتاج فيه الى الوحدة، أن نضع جانباً كل الانقسامات وأن نتوحّد كفلسطينيين ونرتّب أوضاعنا الداخلية لأننا بعد المخاض سوف يأتي الفرج والفرح والانتصار على الظالمين والمحتلين والمستبدين.

كثرٌ يسألون لماذا كل هذا الدم؟ وأين الله من كل هذا الألم والمظلومية.. برأيكم سيادة المطران، كيف نقوّي إيماننا بالعدالة الإلهية.. كثر يتساءلون.. هل تخلّى الله عن هذا الشعب أم أنه في امتحان صعب؟ 

نحن نعتقد بأن الشرور في العالم مصدرها الإنسان الذي تخلى عن انسانيته وابتعد عن القيم الإنسانية والأخلاقية الروحية النبيلة، نعتقد بأن الاحتلال وممارساته إنما هي تجسيد للوحشية وانعدام القيم الإنسانية والأخلاقية.

إن مصدر الشرور في هذا العالم هو الإنسان المتوحش الذي لا يوجد عنده ضمير أو إنسانية، الله لا يحلّل الشرور والقتل وامتهان الكرامة الانسانية، ثقتنا كبيرة بالله الذي نؤمن به ونصلي له دائماً. ونحن دائماً في نصوصنا الدينية سواء كانت إسلامية أو مسيحية، نصف الله بأنه رحيم ومحب للبشر. أحوتنا المسلمون يبتدئون كلمتهم بـ بسم الله الرحمن الرحيم ونحن أيضاً في نصوصنا كمسيحيين نبرز الرحمة الإلهية والرأفة الإلهية ونسال الله ونحن في القدس بأن يتحنّن الرب الإله علينا وعلى شعبنا، هذا الكم الهائل من الآلام والأحزان والمعاناة في غزة، الدماء البريئة التي سُفكت، الأطفال الذين تيتّموا، الدمار الهائل.. كل هذه الكوارث، نسأل الله أن يكون عوناً للأخوة والأخوات، والرحمة الإلهية موجودة، ولكن للأسف هناك بشر تخلوا عن هذه الرحمة، وأنا لا أقصد يذلك الاحتلال فقط، بل كل من يؤازره، كل من سانده وكل من يصمت.. حتى الصامتون هم جزء من هذه الجريمة المرتكبة بحق شعبنا.

انا ارى ان هناك نوراً في نهاية النفق وأرفض ثقافة الاستسلام والاحباط والقنوط، رغماً عن كل الآلام والأحزان، لا نقلل من جسامة ما نحن فيه من دمار وخراب وآلام، وكل قطرة دم لها مكانة كبيرة وعظيمة كل هذه التضحيات الجسام، سوف تودي بنا إن شاء الله الى ما هو أفضل.

أقول للفلسطينيين لا تيأسوا ولا تكونوا في حالة إحباط  وأنتم تشاهدون هذا العدوان الشرس العنيد وحالة التخاذل والضعف والترهل العربي والغربي في التعاطي مع القضية.

في النهاية نحن على يقين بأن الحق هو الذي سوف ينتصر في النهاية على الباطل، والفلسطينيون هم الذين سوف ينتصرون على الاحتلال رغماً عن كل آلامهم وأحزانهم ومعاناتهم.

التعليقات