هي “عواميد” كنتُ كتبتها في بيتي الصحفي الأحب إلى قلبي، مجلة الحسناء، بإدارة الشيخ عفيف الصايغ الذي انطوت برحيله، مرحلة من زمن الصحافة المكتوبة الجميل والنظيف والراقي..
قرّرت إعادة نشرها في “حرف عربي+”، حنيناً إلى تلك الأيام.. وما تضمّه في طياتها من ذاكرة عمْر.. بعضُ تغييرات أحياناً للنص الصغير؟ لا بأس..
حنان فضل الله
+ مَن قرّر أن يبقى على إصراره في رمي النّفايات وقشور الفاكهة الموسميّة من شبابيك السيّارات وشرفات المنازل.. وإذا ناقشته في موضوع البيئة وتشويهه لـ “لبنان يا أخضر حلو .. ردّ عليك بـ: “شو؟ بقطع برزقة السوكلين (سابقاً)- سيتي بلو (راهناً)”!!
+ من يدوبل ويمشي عكس السير، وهو يبتسم ويشير إليك بـ “الأمليّة” اللّبنانيّة، ماسحاً ذقنه بيده اليمنى، متابعاً “تكويع” اللفّة بيده اليسرى، ويكمل فعل “الحربقة” بغمزة من عينه وابتسامة ذات معنى هاتفاً على طريقة أبو وديع “عبيب قلبي”!!
+ من يصرّ على “الرطن” بالأنكليزيّة المبعثرة والفرنسيّة “المطحبشة” ليؤكّد أنّه معولمٌ بالإضافة إلى أنّه “كلاس” بل “سوبّر دولوكس كلاس” بل “هيبر اكسترأوردينير كلاس” بل “سوبّر ستار آكاديمي كلاس”.. وإذا سألته عن سرّ الأمر وتعجّبت من اللّفظ .. فاجأك بـ: “اللّغّا العربيي ما بتلبّي”!!
+ من تصرّ على القرن والواحد والعشرين ممثلاً بمظاهره الجماليّة الخاصّة!! من تاتو وسيليكون شفوي وموضة “باربوية- كارداشيانية” (من باربي الدمية وكارداشيان اللحم والـ إحم.. قفا) .. والتحاقٍ تنميطي لا مثيل له بالنموذج “السّكسي الأجنبي اللي بيطيّر العقل”!
+ من اقتنع، وانتهى الأمر، بأن تلوين شعره بلون صفار البيض هو “ستايل” وأنه كلّما زادت كميّة الجلّ على شعره .. كلّما زادت “جغلنته” (واو)!!
+ ومن يعترض على غلاء البنزين وصورخة سعره ويروح “يكزدر” حتّى ساعات الصّباح الأولى في الدي تي (دلع إسم الداون تاون-البلد سابقاً)..
+ من انتقلت إليه عدوى البصبصة على خصوصيّات وأفكار وأحاديث الآخر.. متّكلاً بذلك على ما موّنته به محطات التلفزة.. صار يريد الـ (رياليتي تي. في) حتى في حشر أنفه في ما لا يعني إلاّ.. سواه.
+ من يصرّ على زيارتك سائلاً عن “باسوورد” الـ واي فاي.. وحين تغذيه به.. يفتح على عالم افتراضي ناسياً نعمة التواصل الطبيعي بين البشر.. تلك الثرثرات الجميلة التي تقرّب بين الناس وتزيد من الرابطة الوجدانية بينهم..
+ تلك أفكار للنقاش وغيرها أكثر.. هي بلاوي تستوطن بيننا.. وتنمو كالفطر السام.. وباء يعدي..
كيف الخلاص؟
لا أعرف.. أعرف بل أومن بأن الله لا يغير ما بقومٍ، من حتى يغيّروا ما بأنفسهم..