هي “عواميد” كنتُ كتبتها في بيتي الصحفي الأحب إلى قلبي، مجلة الحسناء، بإدارة الشيخ عفيف الصايغ الذي انطوت برحيله، مرحلة من زمن الصحافة المكتوبة الجميل والنظيف والراقي والنقي..
قرّرت إعادة نشرها في “حرف عربي+”، حنيناً إلى تلك الأيام.. وما تضمّه في طياتها من ذاكرة عمْر.. بعضُ تغييرات أحياناً للنص الصغير؟ لا بأس..
أيّام بديلة لأيام- حنان فضل الله
لفتتني إليها، تلك الورقة التي ألصقتها على يسار مكتبي وهي روزنامة المناسبات العالميّة أو ما تسمّيه وزارة الأشغال العامة والمنظّمات العالميّة بـ “الأيام العالميّة الوطنيّة”..
تواريخها محدودة (باليوم وبالشّهر) وعناوينها كبرى ومعانيها.. ولا أسمى، في خدمة الإنسانيّة فرداً وجماعات (!!!)
اخترت من هذه الأيّام لهذه الصّفحة، أيّامّاً بذاتها لأنّها الأقرب في دائرة الوقت، الشّهر الحالي وأيّامه خاتمة السّنة والجديد المقبل على آمال:
1 كانون الأوّل: اليوم العالمي للآيدز.
3 كانون الأوّل: اليوم العالمي للمعوّق.
5 كانون الأوّل: أسبوع تنظيم الأسرة.
5 كانون الأوّل: يوم المتطوّع العالمي.
7 كانون الأوّل: يوم الأسرة العربيّة.
10 كانون الأوّل: اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
8 كانون الثاني: اليوم العربي نحو الأميّة.
وغيرها ..
هذه الأيّام،هي في واقع الحال ،مناسبات تكثر فيها الإحصاءات وتنشر أرقام غالباً ما تصدق لشدّة واقعيّتها..
ومواعيد للقاءات تعنى بمعانيها بالذّات..
في يوم الإيدز، إشارات حمراء تضامنيّة تعقد على نيّة المصابين وآخر ما توصّل إليه العلم حول شفائيّات الدّاء.. كذلك أرقام والحالات والإحصاءات والنّسب المئويّة..
في يوم المعوق، ندوات، مساهمات وكلام موزون عن الإختلاف والعطاء..
في يوم تنظيم الأسرة نسل يحدّد وشروط ضوابط في محافل الخطب ومشاريع..
في يوم المتطوّع، كلام عسل “يضرس” من حلاوته.. وحكم تقشعر لها الأبدان.
في يوم الأسرة العربيّة.. آآآآآه..
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان يا عيييييين..
هذه أيّام أصيلة، ترسّخت في الرّوزنامة وصارت لها الصّفات الرّسميّة “وتقنّنت”..
ركّب تواريخها أناس كبار النفس (حتماً) والتسميات ظهّرتها هيئات لا شكّ في صدقيّتها أو في نواياها الطيّبة أو في الأهداف السّامية للجميع ولكن ودوماً هناك هذه الـ “لكن” الإستثنائيّة الاستطراديّة الحاجة ماذا لو طاب للناس، البشر العاديين، ابتكار أيام بديلة .. مثل ماذا؟؟!
مثل هذا :
اليوم العالمي للإيدز الفكري ،وهذا موجود وفق الإحصاءات وحالاته واقعيّة إذ أن “فيروسه” ينتقل بالتلامس الفكري (بدل الدّموي) أو.. بالإصابة المباشرة خصوصاً وأنه عندما لا يعتمد المرء واقياً.. فكريّاً!! يلتقط الأفكار الخبيثة والمبادىء الملوّثة وينشرها..
اليوم العالمي للمعاق في باله .. ألاّ يستحقّ هذا (المعوّق في باله) الذّي لا تعنّ عليه إلاّ الوساوس ألا يجب أن يستحقّ إدماجاً بالصحّ النّظيف؟!
والأسرة وتنظيمها!! ألا يجدر إيجاد تسمية بديلة للأسر التي تظهر غير ما تبطن، إذ تتبروز وتتحابب وتتصادق وتتآزر إعلاميّاً أليس من “حلّة” لبرواز عائلي بوجهين!!!
اليوم العالمي لحقوق الإنسان!! كبير كبير كبير، يفقد عمق معناه عندما ترى دمعة طفلاً في عيد، تكرج لأن حقّه بالفرحة صودر وباللّقمة شٌفِط… وباللّعبة وبالأمان وبالسّلام وبالمستقبل..
وعندما ترى بني آدم، سحقته الأيام (العالميّة والبديلة) وكسرت آماله على عتبة بيته، خلال دخوله إليه أو خروجه منه.. وفكّر في أن يهاجر لأن وطنه أرضه وترابه تكاد تصبح للغير..
وأميّة السّمع والذّوق والإصغاء.. ألا تستحقّ لوحدها روزنامة تتمدّد على مدار الوقت! ألا يجب محوها؟!
والروزنامة تتسع للكثير من الأيام البديلة للأيام.. يٌركّب عوضاً عنها الكثير الكثير.. على سبيل التسلية.. طبعا، لكن قبلاً.. على سبيل على سبيل نقدٍ جارح من قلب مجروح!!
الصورة بعدسة: جنا فضل الله