كلّنا أغنياء، مِنّا الغنيٌّ بالإيمان والكرامة والعزة والشرف، ومنا الغنيّ بالحقد والطمع والاجرام والشر، ومنا الغني بالعقارات والمجوهرات والمشاريع والفلوس..
والنوع الأخير من الأغنياء ينقسم الى فئتين، غنيٌّ بالعمل والجهد والتعب والنزاهة، وغنيٌّ بالنصب والاحتيال والسرقة والفساد .
لذلك أتقدم لأغنياء النفوس بالتحية ولأغنياء الفلوس بمجموعة أسئلة:
- إذا كانت أموالك مصدر الأمان والضمانة المستقبلية.. أخبرني، ماذا تفيد تلك الأوراق النقدية بمعالجة حالة صحية مستعصية لأحد أفراد عائلتك؟
- إذا كانت ثروتك مصدر السلطة والقوة للتحكّم بالآخرين وإذلالهم، ليتك تخبرني بمرحلة العجز والشيخوخة،هل تستطيع كل قدراتك الرقمية أن تشتري لك شيئاً من الذاكرة او الهمة او الصحة؟
- إذا كانت نجاحاتُك في عالم الأعمال مصدراً للابتهاج والسعادة، هل اكتشفتَ يوماً ما فرَحَ العطاء من دون غاية.. بل فقط لالتماس نظرة شكر في عينيّ محتاج؟
- إذا كانت كلُّ أملاكك ستتحول بعد عمر طويل الى الوَرَثة،هل فكّرت بالنزاعات التي ستزُرع بين الأبناء وأفراد العائلة بسبب تقاسم الإرث؟
- إذا كانت المقتنيات النادرة والثمينة ترفع من قيمتك لذاتك، أخبرني كم منها تستطيع أن تأخذ معك إلى منزلك الأبدي؟
- كم كلفتك المنافسة الشريفة وغير شريفة.. لاكتناز الخيرات من عدواتٍ وأحقاد؟
- هل سمعت يوماً أصوات أفكار المتعاملين معك، أصحاب الوجوه الباسمة والصابرين على سلوكك الفوقي؟
- هل تخاف أكثر على صحة وسعادة محيطك أو على خسارة تلك الأرقام؟
- إذا كانت أرباحك مصدر قلق وتوتر، هل تستطيع التخلي عنها؟
- إذا كانت مجموعات العمولات مصدر التوازن لديك، ماذا عن العلاقات الإنسانية لديك؟
لم أسمع يوما أن أحد الأغنياء تخلّى عن ثروته إلاّ لأجل الحب والإيمان، أسأل اليوم وفي هذا الوضع.. هل يستطيع بعض أغنياء لبنان التنازل عن ثرواتهم لأجل إنقاذ البلد وبالأخص مَن كانوا السبب في إيصال الحال على ما هو عليه؟
إذا كنت تعمل لكي يقال: “الله يرحمه كان من الأغنياء والوجهاء والأثرياء”.. اطمئن ستُذكر أعمالك لا أحجامُ وكمُّ ثروتك، وسيكون لك الخلود إذا قيل “الله يرحمه كان السبب بإنقاذ البلاد والعباد من الإفلاس والجوع”..
ولأنني متأكدة أن الأغنياء ضمانتهم الأموال- وأكبر برهان على ذلك هو خطاب مَن يمثلهم في عالم المال والأعمال والسياسية-، أما الفقراء كنزهم العزّة والعضّ على الجرح..
وبهذه المعادلة أختم لأقول:
لبنان غنيٌّ بشعبه الطيب وأدمغة ابنائه المنتشرة في كافة أصقاع الكرة الأرضية، وربما سيصبح أغنى، بمبادرات الأغنياء، غير الخايفين.. لا على رأس المال ولا على المصالح.. ونترك التاريخ ليقول كلمته..