كتبت: أ. ميرنا لحود
يلجأ الكيان المؤقّت، ومنذ احتلاله أرض فلسطين، إلى إنجاز هدفين أساسيّين: الأول تفكيك الوحدة العربية والثاني إبرام اتفاقيات مع كل بلد على حدة.
في عام 1948 أعلن بن غوريون قيام “دولة” الاحتلال من طرفٍ واحد وشرَع في حلِّ الميلشيات وأنشأ “جيش الدفاع”. وسياسياً كانت وقتها السيطرةُ على الجيش لكتلة ماباي (العصابة التي أسسها بن غوريون والتي اندمجت في حزب معراخ لحزب العمل الأساسي) وجمعية الهستدروت النقابية القابضة على الاقتصاد.
تؤكد دراسات عسكرية بأنَّ حرب 1967 وحرب 1973 وغيرهما من الحروب كانت تتسبب في كل مرةٍ بإرباكٍ كبير للكيان. فعمد الأخير إلى إبرام اتفاقيات وصفقات سواء كان مع الفلسطينيين أو مع العرب بموازاة الإبقاء على المسار العسكري ليحصل بداية وبإلحاحٍ على صك الاعتراف به من قبل الفلسطيني مقابل عدم التنازل عن أي شيء لأصحاب الأرض.
ولم يتوقف التصعيد بين الطرفين إلى أنْ انفجرت الانتفاضة الأولى الممتدة من 1987 حتى 1993.
ففي عام 1987 ظهرت حركتا حـ.مـ.اس والجـ..هــ.اد مع الشيخ أحمد ياسين وفتحي الشقاقي، وبفعل العمل المـ.ـقاوم أفضى ذلك إلى انتفاضةٍ ثانية تتراوح ما بين 2000 و 2005 العام الذي أُجبر فيه الصـ.هيوني على الانسحاب من غزّة. وكانت الأخيرة تُعتبر جزءاً من الأراضي المصرية وأخضعها الكيان لإدارته العسكرية منذ الاستيلاء عليها في حرب الستة أيام.
فالاتفاقيات سواء كانت “كامب ديفيد” أم “أوسلو” أم غيرهما من “صفقة القرن” إلى “أبراهام” ما غرضها إلاَّ سحب فتيل الغضب الفلسطيني المخيف للعدو وتثبيت أقدام الأخير في المنطقة والمضي قدماً في برنامجه التهجيري والاستعماري.
طوفان الأقصى رسالة كارثية لأميركا
جاءت عملية طوفـ.ـان الأقـ.ـصى لتقطع دابر الكافرين: الأميركي البريطاني الصهـ.ـيوني، والضربة مؤلمة للمجمّع الشيطاني.
بعد هذه العملية، ضاق الطريق أمام الأميركي في شن حروبه الخبيثة كما جرت العادة في الماضي القريب. لم تعد المغامرات الأميركية سهلةً بعد طوفـ.ـان الأقـ.ـصى. يعلم الجميع، وكما رُوِّج، بأنَّ أميركا عظيمةٌ ونسلّم في ذلك، لكنَّ العظمةَ الأميركية خفتت. وعندما يصبح الاتحاد ويلاً يبطل عمل التسمية لتنتقل من الولايات إلى “الويلات” المتحدة التي تشن الحروب وتُشغّل البدعة الصـ..ـهيـ.ونية العاملة لمصلحتها الأنجلوسكسونية (تعود فكرة الصهيـ.ـونية أو إنشاء بيت لليهود إلى أوليفر كرومويل صاحب بدعة بوريتان الكلفانية التي قطعت رأس الملك شارل الأول وتسببت بحروب أهلية في إنكلترا، ثم بحروب على الأراضي الأميركية وثورات جهنمية في أوروبا وبعدها الحربين العالميتين والحرب الباردة).
إبّان الحرب الكونية على سورية، وبشكل غير شرعي، شيّدت أميركا العظمى 28 قاعدة عسكرية ولها في المنطقة 55 قاعدة، 19 منها في دول الخليج و6 قواعد في العراق، هذا الجزء المعترف به. إضافةً إلى منظماتها غير الحكومية العاملة داخل البلدان وعملائها المحليين وجيشٍ إلكتروني والمراقبة الدقيقة المهيمنة على جيوش المنطقة…
كل ذلك لصالح الإمبريالية الأميركية.. لكنْ التذاكي الأميركي وُضع له خطٌ أكثرَ من أحمر. وعليه أن يفهم ومعه الـ.صـ.هيوني بأنَّ العربدة انتهت إلى غير رجعة، فالضغوطات والابتزاز لا يصلحان مع “جيش المـ.ـقاومـ.ـة” ويخشى الأول كالثاني أي الأميركي والـ.صـ.هيوني صلابة وإيمان المحور المـ.ـقاوم والبصيرة العالية التي يمتلكها.
فأمام الصدّ المنيع لا يستطيع الضغط ولا يستطيع كسر الردع ولا كسب المعركة ليتّخذ مسار القتل والإبادة في ضرب المدنيين وترهيب المواطنين والقصف العشوائي المدّمر وممارسة الاغتيالات للقادة. فهل الأصيل ومعه الوكيل قادران على شن حرب كبرى؟ ألم يختبرا ذلك؟ ألم يرَ نتائجه في الإخفاق ومن المعيب مقارنة العتاد ما بين حـ.مـ.ـاس والكيان صاحب القنبلة النووية والذي يهدّد بها. على من سيرميها؟ على نفسه على جيرانه؟ أين سيرمي ؟ على الشارع اللبناني أم الفلسطيني؟
هناك بعض التساؤلات عن مصير القواعد الأميركية المتمركزة في سورية في حال شنّت “الويلات” المتحدة حرباً، إضافةً إلى الجنود الأميركيين المتواجدين في المنطقة؛
ماذا سيحل بهم في ظل معادلة جديدة للحرب “معركة الحساب المفتوح: نقتلهم ونقاتلهم من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون”؟ فكيف سيتعامل الأميركي الصـ.ـهيـ.وني مع تلك المعادلة؟
من المؤكد، وبعد طوفان الأقصى، أنَّ الأميركي غيرُ قادرٍ على إحداث شرخ في صف محور المقاومة وعاجزٌ عن فك المساندة في ساحات القتال ويواجه مشكلة العبور وهي الأساسية لأنَّها تعني الزوال الحتمي للأصالة والوكالة معاً في المنطقة. ويُدرك الأميركي أنَّ المـ.ـقاومة اللبنانية قادرةٌ على العبور،
وفي حال دخل المـ,ـقاومون إلى الجليل أين سيصبح أهلُ الجنوب وأهل الشمال وأهل الجولان ليغزوا السير إلى القدس الشريف وسينعكس التطواف بطوفان بشري لأمةٍ تعاني من تواجدٍ خبيثٍ لا بدَّ من اقتلاعه.
وإذا أراد الصهيوني اقتراب أجَلِه فليقفز إلى مزلقة ومقبرة الجنوب! آلاف من آلاف يتمنون ذلك وينتظرون اللحظة القدسية. والذي يهدد بقصف مطار بيروت ومحطة الكهرباء وقصف الجسور لقطع التواصل بين المناطق وغيرها من النقاط الحيوية، في المقابل ماذا سيحصل للنقاط الحيوية التي صورها هدهد المقاومـ.ة ومواقع الأمونيا وغيرها؟ يبدو أنَّ البعض لم يقرأ درس 2006 أو قرأه ونسي. فليعُد القراءة لأنها تنفع، في الإعادة إفادة. أما إذا كان المجنون الفاشي والفاسد لا يبالي ولا يكترث ولا يحتسب الحساب فليأتِ إلى الجنوب، لطالما كانت وستبقى مقبرة جنونه.
مقومات الجيش الصـ.ـهيوني وفق الدراسات
وفي دراسة لـ “زئيف معوز” وهو بروفسور في جامعة كاليفورنيا مفادها أنَّ الجيش الـ.صـ.هيوني منقسمٌ إلى جيشين: الأول ملم ّبالتقنيات العالية والثاني هو عبارة عن جيش أمنٍ أي المرافق والذي يُؤمّن الحماية لـ “بن غفير” والمستوطنين المثابرين في “إزعاج” الفلسطينيين. والمقصود بالإزعاج هو قتل المدنيين الفلسطينيين ومطاردة المقاومـ.،ين وتنفيذ اعتقالات ضد الأطفال والنساء والرجال وطرد الناس من بيوتهم وحرقها وهدمها من قبل وحوش كاسرة بخفرة “جيش الأمن”.
ويضيف أن “كل رؤساء الأركان فاسدون، فهم في خدمة الساسة الفاسدين بدورهم، فلا بدَّ من إعادة تأهيل الجيش ليصبح المدافع ولا جيشاً مسانداً للأمن وتحت أمرة المستعمرين وزعمائهم لأنَّ هذا ينقل قدرات الجيش إلى درجةٍ لا علاقة لها بأمن الكيان”. ويندد إسحاق بريك اللواء في احتياط جيش الاحتلال بالتهور الأخّاذ والمتسارع لقادة حمقى “لا استراتيجية لهم ولا إنجاز في غزّة ولا في الضفة. ويحذّر الأخير من الحماقة التي ستدفع بالجيش المنهك في غزّة إلى الجبهة الشمالية أي لبنان”.
هذه المرة، تختلف الأمور “للويلات” المتحدة وصـ.هيـ.ونيتها وعليها انتظار المفاجآت لـ “الأيام والليالي والميدان” ليكون خروجهما من المنطقة لا كما يريدون إنما كما تقضي الظروف، فالخيار إما أفقي وإما عمودي.
الصور من وثائقي روزنامة فلسطين للمخرج @GaroTNT إعداد أ. ميرنا لحود، متابعة وإشراف هلا حداد
يمكنكم مشاهدته عبر الرابط التالي:
https://t.me/harfarabiplus/597