كتبت: حنان فضل الله
لم تُغيّر ماجدة الرومي عادتها، بعيدة كلياً عما يجري في الواقع، في ما يشبه الانفصال عن القضايا الرئيسة والحساسة والمصيرية.. سبقتها مَن تعرفونهنّ من دون تسمية.. حجّ مُربحٌ إلى الفرفشة، من دون إقامة إي اعتبار لما يجري من حولهن.. هي واحدة منهن، لا أكثر ولا أقل.. مهما حاولت أن تقدّم نفسها على سنة الاختلاف والتميّز.
لم تتغيّر ماجدة الرومي، لا تزال تجتفظ بمظهرها الرصين، شدّ خفيف تجميلاً للبشرة، لزوم بهاء الطلة وشبابها الدائم، كحقّ للجمهور من سحنة النجمات “الكبيرات”، شعر مصبوغ بعناية مع اختيار اللون الراكز والتسريحة البسيطة، وطبعاً الماكياج الخفيف الناعم والأكسسوارات الناعمة،
لكنها -والحق يقال- تتميّز عن زميلاتها مغنيات الزمن الشريد، في أنها تصرّ على السترة، فستان أبيص ناصع ملكي التصميم تختاره، لا فتحات فيه كاشفة لصدر منفوخ أو لسحبة فخذ مشدود أو فتحة ظهر.. حتى المؤخرة لم تعدّلها مثل معظمهن.. عدّة الشغل عندها مختلفة، هي بكل بساطة كلمات منمّقة وطبقة صوت فيها من طلب الاسترحام الكثير الكثير ومن الشكوى ما هو أكثر ومن التملّق ما هو بغيض يفيض..
ماجدة الرومي تضرب من جديد.. وهي بذلك لم تغير عادتها ولن..
تمجّد الملوك والحكام حين تظلّ في حضرتهم شخصياً أو عبر ممثلين عنهم، في حفلات تحمل فيها صوتها الذي أتعب العمر طبقاته كلها، رغم إصرارهاعلى استعراضها كلها..
لم تتغيّر وهي تفتتح حفلتها بمقدمة لا بدّ منها، واقفة مذهولة بالبنيان والعمران والانجازات والـ “خدار” (تقصد التشجير في الصحارى) أليس معيباً أن تبقى على اندهاشها من الثورة العمرانية الحاصلة في دول الخليج العربي؟ أليس طبيعياً أن يسعى الحكام الى تحسين بلدانهم عمرانياً وبيئياً واقتصادياً؟ هل تخجل من القول إن معظم المهندسين الذي عاشوا وهندسوا وشجّروا وأنعشوا كانوا من اللبنانيين؟ “قومي.. قومي”!!
لم تتغيّر ولا تزال، تشوبر باليدين والأصابع وتعابير الوجه، ثم تضع كفاً على كف لتشكو همّها من أنها “جايين من لبنان مطرح ما عم نعيش ابشع كوابيسنا بسبب الإجرام المُقترَف بحقنا -قالت- مِن قِبَل اللي اسمن منا فينا وهني مش هيك”!!!
لم تتغير ماجدة الرومي- فهي تصف “بالعُظما” حكاماً كانوا أول المطبعين مع عدو هو السبب في كل ما يجري، بكل تبسيط وليس بساطة!!
لم تتغيّر ماجدة الرومي وهي تتسوّل إشفاقاً على حالها، من غير ذرة عزّة نفس.. تستجدي تصفيقاً عبر كلمات تقولها بلجهة “بيضا” وابتسامات وحسرة..
لم تتغيّر ماجدة الرومي فقد سيق لها أن غنت في محضر من وصفه شعبه المُنتفض بالـ “ملك البغل” منذ سنوات (2013).. حينها عبّر المئات من أبناء البلد عن سخطتهم، وصفوا تملّقها للحاكم بالبغيض..
عين ماجدة اللامعة انبهاراً بالعمار والخضرة لم تنتبه لكمّ الظلم من صاحب الأمجاد كُلّي التبجيل هذا، بحق شعبه!! أو العار التطبيعي عند ذاك!!
في حالتها، الشعب ووجدانه ومعاناته لا يُطعمون لا الخبز ولا الكرواسان ولا بسكويت ماري أنطوانيت..
لعلّ ماجدة الرومي لم تحلّل في تتالي الأحداث التي أوصلت لبنان الذي تشكو للجمهور الذي حضر حفلها في أبو ظبي- عاصمة الامارات العربية المتحدة، ضمن فعاليات “ليالي السعديات” الفنية منذ يومين فقط (10 فبراير- شباط الحالي)..
بدت -صراحةً كالتلميذة “فسّيدة الصف” وهي “تُفسّد عن أحوال بلدها شاكية من “يللي اسمن منا وفينا وهني مش هيك”!!
لم تقرأ في التاريخ الحديث حيث الإفقار المقصود ولعنة الدّين العام المتراكم، وسياسيون أضاعوا البوصلة وحشوا حقائبهم بالرشاوى ليخرب البلد ويفسد؟ ثم يُفَسّد؟
كأنها بنت اليوم، ولم تَعِش حروب لبنان والمنطقة أو تعايشها، فتتعامل مع الوقائع بخفّة فظيعة..
كأنها لا تستمع إلى نشرات الأخبار أو تتابع التقارير المصوّرة والمَقْتَلة الحاصلة on air منذ ما يزيد أربعة أشهر والغليان يستعر.. ولا تعرف لأأن ما سبقها حصار خانق واحتلااااااااااااااااااااااااال، احتلال شرير منذ 75 سنة!!
لم ننسى بعد سَنْدة الكتف في خريف العام 2019 والسترات الصفر تسيّر عشرات الآلاف في باريس وضواحيها اعتراضاً على “حاكم” فرنسا مطالبين بحقوقهم، حين رمت رأسها على كتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تطلب تعاطفاً في فترة زادت البلد- لبنان- خراباً وثبُت أنّ ما هُيّج الرأي العام لأجله لم يكن ثورة بل “فورة” مقصودة للإطاحة بحكم رئيس كانت أنشدت له “حاصر حصارك لا مفرُّ.. ثم تابعت “إضرب عدوّك بي.. فأنت الآن حرٌّ وحرٌّ وحرُ..” رحم الله الشاعر الكبير الراحل محمود درويش والملحن العظيم إيلي شويري..
كوابيس؟!!
كأنها نسيت أن أصل كل مقـiومة هو احتلال.. وأنه للحرية التي غنّت لها ذات وصاية، ثمن مرتفع أوله.. “طول البال” أو الصبر حتى النصر..
ربما لا تتابع الفنانة ماجدة الرومي مجريات الأحداث، لم تقرأ وتكتشف بالمعاينة الإخبارية اليومية، عن أطماع الدول ومخططات تغيير الخرائط..
ربما لم تعرف أن مليارات الدولارات أغدقت ضمن استراتيجيات كيّ الوعي، وأنها نجحت إلى حدّ بعيد في تحقيق المبتغى.. فهاج سوق النخاسة الأخلاقية والمهنية والفنية وماج وأنتج مغنيات ومغنين، إعلاميات وإعلاميين، ناشطات وناشطين، وطبعاً نواباً وسياسيين، يصرّون على أنهم ضحايا ويعيشون كوابيس ويستحقون من دون أي عناء، وطناً يعاملون على أنه “اوتيل” يتنكّرون له حين تسوء الخدمة، من دون أن يشغلّوا أدمغتهم لمعرفة أسباب سوء “الخدمة”!!
هي لم تتغيّر، ويتابعون مسيرتها، بقصد وبغير قصد كذلك، هم محبّون لهذه الارض، متجذرون فيها بعيداً عن كل وأي إغراء، صامدون أمام التهويل والترهيب والقصاص المعيشي والفكري والالكتروني حتى.. وفي كل مرة، يخيب أملهم فيها أكثر فأكثر..
على فكرة..
قصيدة “سقط القناع”، المقصود بها كل متخاذل مطبّع رخيص، وقد كتبها في حصار بيروت من قبل “جيش” الذين تغني لمن كانوا أول من طبّع معهم تقول الكلمات:
سقط القناعُ عن القناعِ..
قد أخسر الدنيا.. نعم
لكني أقول الآن لا.. لا..
إلى آخر الطلقات.. لا
إلى ما تبقى من هواء الأرض.. لا
ماتبقى من حطام الروح..لا
بيروت.. لا
بيروت.. لا
حاصر حصارك لا مفر..
سقطت ذراعك فالتقطها..
وسقطت قربك فالتقطني
واضرب عدوك بي فأنت الآن.. حرٌّ.. وحرٌّ.. وحرٌّ
قتلاك أو جرحاك.. فيك ذخيرة
فاضرب بها عدوك.
فأنت الآن.. حرٌّ.. وحرٌّ.. وحرٌّ
وليس آخراً..
ثمة فروقات هائلة بين حرٍّ وعبد..
عبد المال وخدمة الوطن الذي يحوّله بعض من خيّبوا آمالنا إلى فندق.. إن ساءت الخدمة فيه.. لمّعوا بلاط الحاكم..
قد تخسر مشاعر احترام وتقدير من جمهور متابع وتربح الإقامة الذهبية..
في ميزان المصالح الشخصية “غود باي” مبادىء.. وداعاً حسّ المواطَنة..