كتبت: حنان فضل الله
صورة الغلاف للمخرج @GaroTNT
لا يتوقف السيد أنطونيو غوتيريش عن إصدار البيانات التي يعبّر فيها عن قلقه من سوء أحوال الناس المدنيين في قطاع غـ””زة، كل القطاع بكل محافظاته وبلداته وزواريبه ومستشفياته.. يقضي وقته بالقلق ويتقاضى راتبه مقابل القلق الذي يعتريه ويعبّر عنه..
سبقه بان كي مون وكوفي أنان.. القلق مهمة مربحة، علماً أننا في عالمنا الكئيب هذا، نستمر بالقلق منذ سنوات طويلة بل ببلاش، وإننا “نحط من جيوبنا” أيضاً!!
كوفي آنان وبان كي مون وحتى أنطونيو غوتيريش- الأمين العام الحالي للأمم المتحدة، مسكين كمن سبقه (ما بيده حيلة حتى مع إهانة ممثل الكيان المارق له في عقر داره) وكل من مرّوا ومررن على مراكز أممية، عربية وعالمية تدّعي الاهتمام بشؤون الطفل، هم أيضاً شركاء في أسباب قلق الأطفال واكتئابهم، طالما لم يردعوا القاتل.. شركاء في دمه أيضاً.
مثله مثل بيان صدر مؤخراً عن اليونيسيف التي تُعنى حصراً، بأحوال الأطفال.. هي توثّق انتهاكات، وتكتب المقدمات الإنشائية، تعرض بالأرقام، سوء الأحوال، تدعمها بنِسَبٍ مئوية.. حتى أن آخرها- ما وصلني من صديقة إعلامية محترمة، جدية ومحترفة، ممهور بتوقيع إدوارد بيجبيدر، ممثل اليونيسف في لبنان، فاض به الحكي عن الأوضاع النفسية التي تخلّفها الحروب على الأطفال، مرّ بظروف أطفال غـ**زة المأساوية ثم وصل إلى أحوال أطفال الجنوب.. وأتعب فريقه في إحصاءات وأرقام ؟!! ومن تقريره أقتبس: في جنوب لبنان، تفيد 46% من الأسر أن أطفالها يشعرون بالقلق و29% يعانون من الإكتئاب. في النبطية، أبلغ الأهل أن 46% من الأطفال يعانون من القلق و33% من الإكتئاب. حوالي نصف الأطفال من اللاجئين الفلسطينيين يعانون من القلق و30% من الإكتئاب!!
مهلاً.. هل نعتب على جمعيات أممية أثبتت بالبراهين القاطعة، عدم قدرتها على مواجهة عدو الإنسانية والطفولة والحياة؟!!
هل نعتب وفي بلادنا جمعيات “طفولة وأمومة” على مدّ العين والنظر ومعهما العلم والخبر.. تانتات (طانطات) صرن جدّات، وقد أسسن جمعيات للعناية بالطفل وبالأم معاً أو كلّاً منهما على حدة، كنا في بدياة عملنا الصحفي نتابع أخبار اجتماعاتهن وجمعياتهن وصبحياتهن وتسريحات شعرهن وأزيائهن وأقراط آذانهن وأحمر شفاههن وحقائب أيديهن السينييه وتايوراتهن، ومنذ ذلك الحين لم نراهن على أي تحرك منهن، في نصرة القضايا المحقة..
هل نعتب وفي بلادنا فنانات “مؤثرات” زاعقات ناعقات عارضات للأجساد والأزياء والتسريحات، ولهُنَّ من الجماهير ما يملأ الملاعب صخباً وصراخاً وعويلاً إن تمايلت إحداهن ونشّزت غناءً؟!
هل نعتب ومنهنّ أمهات أو أَّهنَّ أصبحن في عمر الجدّات؟
لم تخدش مساعر الأمومة الفطرية فيهن، أي مشاهد مبكية مؤذية جارحة حرّاقة؟!
هل نعتب؟ ولـ مستر إدوارد أجندته، كما لـ كوفي، وبان وحتى غوتيريش (وغيرهم من قادة العالم) أجندات، أو ربما مخاوف من الجرّ في فضائح تفوح روائحا بين الأمم المتفرّقة والمتحدة والـ بين بين معاً!! تمنعهم عن الضغط نحو حلّ، ينهي مآسٍ كثيرة في أماكن كثرة.
في ما يلي البيان الذي “طجّه” إدوارد بيجبيدر، ممثل اليونيسف في لبنان، وكان سبباً في هذه المقالة على عجالة.
في الثالث عشر بيان من الشهر الجاري، كما في كل فترة، تصدر اليونيسيف في شقّها الطفولي بيانات، “توصّف” فيها الحال المتأزم الذس وصلت إليه أحوال الطفولة في هذا العالم الكئيب.. صحفي الأطفال يعانون أكثر من أي وقت مضى من الأزمات الشديدة في لبنان – تقرير اليونيسف 13 كانون الأول / ديسمبر 2023 بيروت، 13 كانون الأول 2023– يستمر تأثير الأزمات المتداخلة والشديدة في لبنان في التفاقم، مما يؤدي إلى حرمان الأطفال بشكل متزايد من التعليم وإجبار الكثيرين على التوجّه الى العمل، في محاولة يائسة من أهلهم للصمود وسط التحديات الشديدة والتناقص المستمرّ للموارد والاساسيّات. يكشف تقييم سريع أجرته اليونيسف في شهر تشرين الثاني 2023 عن تدهور متزايد في معظم جوانب حياة الأطفال، خصوصاً أن الأزمة تستمرّ في التوسّع منذ أربعة أعوام في ظلِّ عدم وجود أي إنحصار يلوح في الأفق، بالإضافة الى إزدياد الأعباء النفسية، بشكل خاص في جنوب لبنان المتأثر بالصراع، وبين الأطفال الفلسطينيين. “هذه الأزمة الرهيبة تدمّر أحلام آلاف الأطفال وتنتهك طفولتهم وتسلبهم حقّهم في التعليم وسعادتهم ومستقبلهم” يقول إدوارد بيجبيدر، ممثل اليونيسف في لبنان. أكّدت أكثر من ربع الأسر (أي نسبة 26%) على عدم ذهاب أطفالها، الذين هم في عمر الدراسة، الى المدرسة. وهذه النسبة إرتفعت عن آخر تقييم مماثل أجرته اليونيسف في نيسان/ أبريل 2023 حيث كانت النسبة 18%. ومما زاد الأمر سوءاً، إغلاق عشرات المدارس في جنوب لبنان أبوابها منذ تشرين الأول/ أوكتوبر بسبب الأعتداءات، ما أثّر على أكثر من 6000 طالب. تستمرّ الأسعار في الإرتفاع ومعها يبرز إنتشار الفقر، ما يُجبر الأسر الى اللجوء لتدابيرٍ يائسة من أجل تحمّل كلفة وجبة غذائية واحدة فقط يومياً وتوفير المأوى الأساسي. ويبيّن الإستطلاع ما يلي: إرتفع عدد الأسر التي ترسل أطفالها (تحت سن الثامنة عشر) الى العمل للتمكن من الصمود الى نسبة صادمة بلغت 16%، مقارنة بنسبة 11% في شهر نيسان/ إبريل الماضي. إضطرت أكثر من 8 من كل 10 أسر (أي 84% منها) الى إقتراض المال أو الشراء بالدين للحصول على المواد الغذائية الاساسيّة، أي بزيادة قدرها 16 نقطة مئوية على مدى ستة أشهر. إنخفض الإنفاق على العلاج الصحي لدى 8 من كل 10 أسر (أي 81% منها) بعدما كانت النسبة لا تتعدى 75% قبل ستة أشهر. ويؤثر الحرمان وعدم اليقين بشكل كبير على الصحة النفسية للأطفال، حيث تفيد 4 من كل 10 أسر تقريبا (38 في المائة) عن معاناة اطفالها من القلق، وتتحدّث 24% من الأسر عن معاناة الأطفال من الإكتئاب بشكل يومي. والأرقام الإجمالية في بعض المناطق تشي بأن الواقع أكثر سوءا: في جنوب لبنان، تفيد 46% من الأسر أن أطفالها يشعرون بالقلق و29% يعانون من الإكتئاب. في النبطية، أبلغ الأهل أن 46% من الأطفال يعانون من القلق و33% من الإكتئاب. حوالي نصف الأطفال من اللاجئين الفلسطينيين يعانون من القلق و30% من الإكتئاب. يعاني الأطفال الفلسطينيون من الآثار العاطفية التراكمية. إن الظروف المعيشيّة السيئة والإشتباكات بين الفصائل في مخيمات اللاجئين، وحالة عدم اليقين في شأن ما يُخبئئه المستقبل، كلها عوامل تعرّض الصحة النفسية للأطفال الفلسطينيين للخطر. الى ذلك، تترك الصوّر والمشاهد والأخبار الدائمة التي يتابعها الأطفال يومياً عن معارك غزّة والضفة الغربية، وعن أحباء نزحوا أو أصيبوا أو قتلوا، بالغ الاثر فيهم. تحثّ اليونيسف الحكومة اللبنانية على إظهار التزام واضح ببنود إتفاقية حقوق الطفل واتخاذ إجراءات حازمة لدعم وحماية جميع الأطفال في لبنان وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية. إن إهمال الأطفال اليوم سوف يتجلى حتما في مستقبل ضعيف ومتعثّر للبنان. “يجب أن تتوقف المعاناة اليومية للأطفال. علينا أن نضاعف جهودنا للتأكد من أن كلّ طفل في لبنان يذهب الى المدرسة ويتعلم، وأن نتحقق من وجوب أن يبقى محمياً من الأذى الجسدي والنفسي، وأن تكون لديه الفرصة لينمو ويساهم بفعالية في المجتمع” يقول إدوارد بيجبيدر، ممثل اليونيسف في لبنان.