ليس للصحافية ليليان قربان عقل سوى أن تعتزّ بعلاقتها العتيقة الحلوة مع “القلم” وتستمر في انجاز الكتابة في عزّ الحاجة إلى نصّ نقي، يحكي تجربة عمر تضمّها دفّتا كتابها “مغتربة في وطنين” الصادر عن دار سائر المشرق.. مغتربة يسكن لبنان بين ضلوعها قرب القلب.. وتجاوره غانا وطنها الثاني..
قدّمت للكتاب السيّدة سعدى الأسعد فخري، سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (عيش لبنان) في غانا.
في كتابها، تروي ليليان تجربة الغربة التي عاشتها وهي لا تزال شابة صغيرة وصولاً إلى سن النضوج، وقسّمته إلى فصول خمسة: “غربتي الأولى، من الجنسية الموروثة إلى الجنسية المكتسبة”، مغتربة في وطني، لبنانية في غانا وصراع الإنتماء”.
بين صفحات الكتاب، تطرح الكاتبة أسئلة “اغترابية” كثيرة عن تبعثر الذات والانتماء..
“هذا الكتاب كتبني قبل أن أقرر أن أكتبه- تقول الصحافية الكاتبة ليليان قربان عقل-.. عشرون عاماً بعثرتها بين أوراقي المتنقّلة بين بلدين فجمعها قلمي الذي قرّر أن يفيض بغنى تلك التجربة. خبريات ومشاهد وأحداث بين عالَمين مختلفين لغوياً ودينياً وإثنياً، توحّدها الذات ببعدها الإنساني المحض، تستأهل أن نستذكرها بين صفحات كتاب يتكئ عليه العمر في لحظة حنين ليعكس صفاء الذكرى التي لم تدرك بُعدها إلاّ بإمتدادها عبر الزمان والمكان، من خلال تفاعلها وتأثيرها التراكمي الذي سيطوّر القناعات ويطرحها في جدلية وجودية لتثبيتها أو رفضها”..
وتضيف: “إلى كلّ من سحرته أفريقيا وأخافته بغموضها فجذبته لإكتشافها، وإلى كلّ من تعمّد بتراب لبنان وجمال طبيعته فتمسّك بجذوره، إلى كلّ من حمل هوية مزدوجة مركّبة قد تصنع في تناقضاتها لوحة إنسانية فريدة تطوّرت بغنى الإختلاف الذي يتّقن فنّ التبادل المثمر فيتكامل معه لتطوير الذات والتعرّف على مكنوناتها الدفينة، إليهم هذا الكتاب الذي يحضن بين ذراعيه حكاية عمر أنهكه توضيب حقيبة السفر، فبين كل وداعٍ ولقاءٍ غصّات أمل تصارع خياراتها التي لا خيارات لها..”
إذن، يغوص الكتاب في واقع الاغتراب، في يوميات المغترب، آلامه وآماله، وحلمه الكبير في العودة إلى وطنه الأم، مراهنًا على أن الوقت وتعلُّم اللبنانيين من تجاربهم لا بدّ من أن يؤدّيا إلى إصلاح الأمور ومواضع الخلل التي حملته في الأساس على ركوب جناح الغربة.