كتبت: حنان فضل الله
هل صحيح أن الشعب الأميركي طيب، بسيط، صادق المشاعر ولا علاقة له البتة (أي أبداً أبداً أبداً) بقياداته (وهي ليست كثيرة مثل التي عندنا)؟.. وأنه لا صلة الشعب الأميركي الذي ومنذ “التحرّر” من الاستعمار البريطاني حتى إلصاق الاستعمارات في بلاد الآخرين، مُبتلى بـ”زعامات” تظنّ أن الله خلقها و”طحبش” القالب؟
الدليل على ذلك هو برنامج اكتشاف المواهب America’s got talent الذي يثبت بما لا يقبل التشكيك أن هذا الشعب المخدوع بقياداته، يشبهنا كثيراً كثيراً جداً..
هو مثلنا.. طيب و”جدع”.. ينساق عاطفياً، وانفعالاته تشبه انفعالاتنا، فهو يبتسم شارداً في جوّ جميل، يغضب لسلوك خاطىء، يصفق بشراهة لموقف أعجبه..
هل يُخدع مثلنا بسهولة؟ ويصدّق وعوداً لا تصدق؟ ربما..
هل ينوّمه زعماؤه مغناطيسياً فيضحكون عليه بمواقف معينة فيهتف لهم في السرّاء كما في الضرّاء؟ يُحتمل..
هل يتلاعب الإعلام في وجدانه الوطني؟ على الأرجح هذا حصل ويحصل..
هل تأسره الشاشات الفضائية و”نجومها” ونجماتها” وما بين بينهما؟
هل ثمة من يبيع شرفه الإعلامي بحفنة خدمات ودولارات؟!!
حتى لا استرسل في الإسقاطات..
برنامج المواهب المنوّعة والقدرات والطاقات المختلفة America’s got talent..
في ظاهره هو برنامج تسلية واكتشاف مواهب، وربما في باطنه أيضاً، جماهيريته وصلت العالم أجمع ونُسخُه توزّعت على كثير من محطات الدول، فأظهرت مواهب جيدة بل ممتازة في مجالات متنوعة، أضحك ملايين، أمتع مثلهم وأبكى آخرين..
وأظهر في ما أظهر، لطفاً وإنسانية لدى جمهور الاستديو الضخم -عينة من الشعب الأميركي- حيث يتمّ تصوير الحلقات، هو يستنكر الغلط، مثلنا، وقلة الأدب من بعض المشتركين، وغلاظة البعض الآخر، وسخف، ووقاحة، ثم لباقة وذكاء وموهبة حقيقية لدى آخرين.. وأن عنده آداب عامة يحافظ على نسبة عالية منها..
جمهور الاستديو، عيّنة من شعب.. يشبهنا في انفعالاته، في قبوله للصحّ واستنكاره للشاذ عن القاعدة الصح..
اذا كان الله ابتلاه ببعض زعامات مثل ما ابتلانا.. فكوّعت أفكاره عن “غشمنة” في مسار خاطىء.. من يصحّح الحكم عليه؟
ما علينا..
عندما نشتم الأميركان، أو نستنكر سياساتهم، لا بأس أن ننظر الى جمهور- عيّنة من شعب-، ولا نعمّم ونتعاطف معه.. فهو يشبهنا.. وبلاؤه مثل بلائنا..
جولة بسيطة على حلقات البرنامج؟ لِمَ لا؟!
حكّامه مجرمون، يقودون رأيه العام في اتجاهات تناسب مخططاتهم.. التوسعية.. الشيطانية، التخريبية.. مصّاصة مقدّرات ودم الشعوب وثرواتهم وهوياتهم.. و.. و..
هل الشعب مسؤول عن انشغاله عن الحق؟ وانسياقه نحو الباطل؟
هل عليه أن يفتش ن الحقيقة، كيف لا يظلم؟ هل علينا نحن أن “نطحش” في تصويب المسار والحقائق؟
تلك مسألة أخرى..