كتبت: حنان فضل الله
إن أسماء نجوم كبار مثل من تضمّنتهم اللائحة التالية، كفيلة بإنجاح أي فيلم.. لكن فيلم Don’t Look Up ليس أي فيلم.. هو تحفة نقدية للسياسات الأميركية بامتياز..
ليوناردو ديكابريو، جنيفر لورانس، ميريل ستريب، كيت بلانشيت، روب مورغان، تيموثي شالاميت، أريانا غراند، كريس إيفانز وآخرين. ألا تكفي هذه الثلة من النجوم لشدّ الجمهور الى المشاهدة؟!
وبكثير من واقعية، لا أذكى من فيلم Don’t Look Up في تاريخ السينما الأميركية المعاصر، إذ يحكي بسردية سهلة وجذابة، عن سرّ التسطيح الأميركي والاحتراف في “استهبال” الناس وقيادة العالم على هذا الأساس.. الهدف هو المال وجني الأرباح ترليونياً.. من خلال التلاعب بالرأي العام بواسطة السلاح الأمضى: الإعلام!!
تبدأ أحداث فيلم Don’t Look up مع اكتشاف الطالبة كيت التي تتجهّز لرسالة الدكتوراه في جامعة مشيغان (جينفير لورنس)، لمذنب ضخم نسبياً، وهو في طريقه للاصطدام بكوكب الأرض (المدة الزمنية المحسوبة هي 6 أشهر فقط).. تُسارع لإخبار رئيس فريقها البحثي د. ميندي (ليوناردو دي كابريو) ويقرّران التوجّه مع المسؤول عنهما د. أوغليثورب، (روب مورغان) إلى أعلى سلطة في البلاد: رئيسة الجمهورية (ميريل ستريب).. والرئيسة محكومة بصديقها القديم ومموّل حملاتها الانتخابية بيتر إيشيرويل (مارك رايلانس) العارف بكل الامور والقارىء حتى لمصائر الناس (من بينهم مصير الرئيسة).. رجل غريب الأطوار لا الدور يمتلك شركات تنتج برامج الذكاء الاصطناعي والأجهزة الإلكترونية السوبر متطوّرة.
لا يبدو أن الرئيسة فهمت المشكلة المصيرية التي ستواجه البشرية جمعاء.. وهي المحاطة بالأغبياء والوصوليين من ابنها المساعد الشخصي لها والنائب المخوّل عنها.. بل كذلك بالجنرالات وأوسمتهم!! لذلك يلجأ الفريق البحثي إلى الإعلام لنشر المعلومات الصحيحة وليحذر الناس من مصير قاتل قادم على متن مذنب.. وبالتالي إجبار السلطات الرسمية على فعل شيء أمام الخطر الكبير الوشيك..
الدوّامة المؤلمة ذاتها: الإعلام برّاق لكن سطحي، (مثّلته نموذجه الرائعة كايت بلانشيت بدور مذيعة تلفزيونية مخضرمة، جميلة، سطحية و.. شبقة).. والرأي العام خفيف العقل يجرّه الإعلام “اللامسؤول” إلى حيث يريد هو (الإعلام ورأس المال من خلفه) لا إلى حيث يجب أن يكون.
بعد تعقيدات، ينجح الفريق العلمي في لفت نظر الرئيسة وفريقها إلى خطورة ما يجري، والحلّ في إطلاق صاروخ محمّل بالقنابل التي ستفجّر المذنب في الفضاء أي قبل وصوله إلى الأرض.. الصاروخ “المنقذ” يقوده “بطل” من الجيش الأميركي (يميني متطرّف كما اريسة وفريقها.. أبيض-أشقر).. لكن وبشكل دراماتيكي ومفاجىء، يقرّر المموّل إياه، إيقاف المهمة وتغيير مسار المذنّب وتفتييته فهو يحتوي عناصر “ثمينة” يحتاجها الأميركان في صناعاتهم التي ستساهم في محاربة الفقر والجوع والبطالة وباقي الـ bla bla bla التي يعتمدونها في حججهم حباً بالحياة والديمقراطيات وحقوق البشر!!!
كثير من معلومات الفيلم الفضائية صحيحة: خصوصاً في ما يتعلّق بـ PDCO planetary defense coordination office – مكتب تنسيق الدفاع عن الكوكب، وهو مكتب موجود حقاً فيالـ ناسا (تأسس سنة 2016) وتركّز مهماته على رصد ومتابعة الأجسام الفضائية القريبة من الأرض، ودراسة احتمالات وقوع حوادث كارثية ورسم الخطط لتفاديها.
مع كل عظمة ما يرمز إليه الفيلم، قد يُطرح السؤال بل الأسئلة الطبيعية حول نهايته: هل يصطدم المذنّب بكوكب الأرض؟ هل ينجو أعضاء فريق البحث “الأخيار”؟ وماذا عن مصير “الأشرار” الذي ركبوا سفن النجاة مع نخبة مختارة إلأى كوكب آخر فيه عناصر تؤهل للحياة فيه؟!
Don’t Look Up لم يُقدَّم في دور العرض السينمائية، بل عبر منصة نتفليكس التي لها الحق أن تفاخر بإنتاجها له.
الصور من الشريط الترويجي للفيلم عن Netflix عبر يوتيوب.