المدرّبة الأستاذة فاتن نظام: هذا تماماً ما يؤمن به أفرادٌ قرروا ألاّ يستسلموا

هي الأستاذة فاتن نظام، المقاوِمة لكل عتمة في ظرف أو فكرة أو غدٍ مرعب..ومعها، لا يعود للتفاؤل معنى أجوَف، بل يصبح أسلوب حياة ونمط تفكير يساعد على التغيير من حال إلى حال..

وهي أيضاً  الداعية إلى فكر لا يحمل إلا بِشْراً وفأل خير..

الأستاذة فاتن نظام، المحاضرة في جامعات سورية في التطوير الذاتي ومهارات الحياة، والمدرّبة المعتمدة دوليا في مجال التنمية البشرية والعلاقات العامة..

أجابت على أسئلة “حرف عربي+حول مواجهة الأيام السود بفكر نقي أبيض..

أمام كل المأسي والسواد الذي نواجهه,هل من مكان للإيجابية؟ وكيف؟

سأبدأ إجابتي بسؤالين يجب أن يطرحهما كل منا على نفسه، أولهما: هل أن الاكتئاب هو الحل؟ أم أن الانزعاج مما هو حاصل ينهيه؟ الجواب طبعاً “لا”.. لذا ننصح بخلق اللحظات البسيطة التي تجعلنا نشعر بالامتنان، مفادها أن القادم سيكون أجمل، وسنعود كما كنا، وسنتمكن من تخطي الأزمات والسواد والمأسي بخير وسلام. علينا أن نعرف أيضاً أنه ثمة شعرة رفيعة ما بين الشعور الإيجابي أو الانغماس في عالم مظلم وكئيب، وهذا قرار شخصي، لا يساعدك عليه إلا نفسك.
فإذا كنت من الذين تؤثر عليه النشرات الإخبارية السلبية، فخفّف منها، وهذه هي فرصتك الآن، لأن القرار في التحكم بعدد الساعات التي تستخدم فيها هاتفك الجوال، في يدك.
من أفضل ما يمكن أن تعده إيجابياً في هذه الفترة، هي القدرة على الاختيار والتحكم بحياتنا أكثر، وعدم هدر طاقاتنا على أشياء وأشخاص غير أهل ذلك.
الإيجابية في حدودها الطبيعية مطلوبة وأساسية في وقتنا هذا، الأزمة لن تبقى على هذا الحال إلى الأبد والحاجة كبيرة للتفاؤل والإيجابية والتيقن بأن هذه الفترة ستمر حتى وإن طالت.. هذا تماما ما يؤمن به أفراد قرروا ألا يستسلموا، مهما كانت الأخبار مقلقة ومحبطة وتدعو للتشاؤم والخوف من القادم.

كيف يمكن التدرب الذاتي على مواجهة الأزمات؟
أحياناً نقوم بمحاولة العمل قبل محاولة التعلم وهذا من الأخطاء الكبيرة التي نرتكبها في رحلة التدريب الذاتي، فأنت لن تحصل على عمل جيد طالما لا يوجد لديك استعداد لتعلم الجديد. النقطة الثانية والمهمة أن كل أزمة وكل مشكلة في الحياة هي مؤقتة ولن تستمر مدى العمر.

عندما نصل بتفكيرنا الى أن أي أزمة هي مؤقتة ,هذا يعطي لذاتنا القوة ووضع الحلول المؤقتة لأن أسلوب التفكير وتعاملها مع العقل لا يكون ضاغطاً ومدمراً مثلما يكون التفكير أن المشكلة هي مستمرة وحينها أيضا موضوع المؤقت يساعد أي شخص على تحديد وتحجيم الأزمة بالجانب المتضرر فقط ولا يضرب كافة جوانب الحياة حتى يساعد على تحديد الحالة الفسية ويضبط الانفعالات.

وكلما أصبح الإنسان قادراً على التفكير السليم والابتكار والتعلم كلما أصبح قادراً على الإبداع والريادة والقيادة وأصبح أمر تدريبه من نفسه وذاته أمرًا هينًا لينًا سهلًا. التفكير السليم يساعدك على التخطيط الجيد وبالتالي مجابهة الصعاب والوصول لهدفك دون عناء، كما أنه يحميك ويهمي من حولك ولعلنا كلنا نعرف أن الإنسان الذكي تكون له الريادة في المجالات فمن كان ذكيًا وقادرًا على الارتقاء بفكره سيكون قادرًا على التطور والتطوير من نفسه وذاته.

وتتابع الأستاذة فاتن نظام في توجيهاتها:
حاول دائمًا أن يكون كل تفكيرك إيجابياً، بحيث لا تدع الأفكار السلبية تسيطر عليك بل أنظر للصعاب على أنها تحديات أو معضلة حسابية تستطيع أن تجد لها حل، أنظر إلى الصعاب والنكبات على أنها منح ، وتعلم من علم الأزمات واقتناص الفرص والفوضى الخلاقة والتي من خلالها واستغلالاً لها، استطاعت دول أن تقوم بسياسات لم يكن أحد يحلم بتطبيقها فأنظر للأمر من تلك الزاوية أنها فرصة للتعلم والاستفادة، فتفكيرك السلبي في الأزمات سيكون سبب نجاحك وابداعك وتفوقك على أقرانك وريادتك فلا تجعل الأفكار السيئة تسيطر عليك وتذكر أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك . دائمًا وأبدًا أجعل لديك يقين بأن القادم سيكون أفضل وثق في نفسك و مؤهلاتك وقدراتك واعمل على تطويرها وأنظر للحياة بإيجابية.

من أين نأتي بالطاقة الايجابية حين نستهلك كل ما لدينا؟

هناك الكثير من الأمور التي يمكننا القيام بها لجذب الطاقة الإيجابية لحياتنا، لكنها تحتاج إلى الرغبة والإرادة. فالإرادة تعني أنني أُريد أن أفعل ذلك وهي ليست مجرد محاولة. والإرادة تأتي من الداخل ولا تفرض، وكما قال سبحانه وتعالى في سورة الرعد “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”. فبدلاً من محاولة النظر إلى الجزء الممتلئ من الكوب علينا أن نملأ الكوب ولا نجعل فيه أي فراغ.

  • لا تعمل على لوم ذاتك ولا تشعر بالذنب لأن مثل هذا الشعور يأخذ حيزا كبيرا من الطاقة ويحولها إلى سلبية. عندما تتخلص من مثل هذه المشاعر أنت لا تعد الشخص الذي كنت عليه بل تصبح شخصا آخر أكثر تجددا تماما كما تأخذ المكملات الغذائية والمعادن وتغذي الخلايا في جسمك لتتجدد ولا تعد كما كانت عليه.
  • الانتقادات التي تغلب على شخصيات الكثير من الناس لأسباب كثيرة هي أيضا تحول الهالة لدينا إلى كتلة من الطاقة السلبية، لذلك علينا أن نتوقف عن الانتقاد وأن ننظر إلى إيجابيات الأمور وأن نتخلص من الرغبة في السيطرة على كل شيء. لا تتنازل عن طاقتك لأي كان، فعندما نفكر وننزعج لما يقوم به من حولنا من الأعداء والسذج فنحن نمنحهم قوة السيطرة على حياتنا ونسمح لهم بإدارة حياتنا كما يشاؤون، والطريقة الأمثل هنا إما المواجهة بالعقل والمنطق وأحيانا القانون أو الإهمال ومعاملتهم وكأنهم غير موجودين.
  • وكم هو جميل أن نكون من الممتنين والشاكرين لله على كل شيء، الامتنان والشكر خصوصاً عند الاستيقاظ من النوم صباحا لأنه منحنا يوما آخر لنعيش ونستمتع بحياتنا مع من نحب.
  • هناك مقولة متداولة تقول “جاور السعيد لتسعد” ولا يوجد هناك شرط من شروط الحياة أننا يجب أن نعيش بسادية نتلذذ عندما نرى غيرنا في ألم، كل هذه أمور تربى عليها الإنسان وبرمج عقله عليها وهي من صنعه وليست عطاء من الله. وكما أن التعاسة من صنع الإنسان نفسه كذلك فإن السعادة من صنعه ايضاً..
  • وهناك مثل إنكليزي بمعنى أنك تستطيع أن تقود الحصان لبركة ماء لكنك لا تستطيع أن تجبره على الشرب، وكذلك الإنسان أستطيع أن أقدم الماء لك لكنني لا أستطيع أن أجبرك على شرب الماء إذا لم تكن لديك الرغبة للشرب. كذلك هي الطاقة الإيجابية والحياة الإيجابية لا يستطيع أي شخص أن يجبر الآخر على أن يعيش بإيجابية ما لم تكن لديه الرغبة والإرادة لعمل ذلك، فنحن من نصنع السعادة ونحن من نختار إما أن نعيش بسعادة وطاقة إيجابية أو أن نختار أن نعيش في تعاسة نكررها في كل مواقف حياتنا.

كم تشتغلين على ايجابيتك الخاصة وخصوصا وأنكم في سورية تعيشون ضغوطات وصعوبة لا مثيل لها؟

أنا ذات شخصية متفائلة بطبيعتي تحاول باستمرار أن تكون مصدر سعادة لنفسها ولغيرها، وذلك من خلال طريقتي في التعاطي مع الأحداث والأخبار،اقول : صحيح أن كل ما يجري حولنا اليوم جديد علينا.. ويعتبر غريبا بالنسبة لنا ربما أيضا مخيف، ويتطلب منا الحذر والالتزام، لكننا قادرون على تخطيه وتجاوزه.
إن عبارتي “تكيف وتأقلم” هما من أكثر العبارات التي رافقتنا خلال الأزمة في سورية، بالإضافة إلى تقبل كل المتغيرات، من جهتي، بتُّ أتعامل مع كل المتغيرات بطريقة استثمارية بناءة ولكن الموضوع ليس التعامل بنفس المهارات والافكار القديمة، بل القوة في بناء مهارات جديدة حقيقية.. بعد تجربتي، فإن كل مرحلة زمنية في الحياة تختلف وتتغير ولا بد من أن تقوم على بناء مهارات ولغة وأفكاروأسلوب ومفاهيم جديدة. فالحرب الحقيقية هي حرب مفاهيم، ومن غير الممكن التعامل بمهنجية عام  1900 لنتعامل فيها 2020 .. المقصود هنا أن التكيف الجديد هو اتوجه الى استثمار الطاقات واعادة الهيكيلية وخارطة تنفيذ وتحقيق النتائج بالطريقة الرقمية أي انجاز يقدر بالرقم لأننا دخلنا في العالم الرقمي ولابد من العمل للدخول فيه بقوة وليس بضعف .

وأنهي الحديث بـ: “احلم بلا حدود, وعش ضمن المحدود”..

تحياتي لكم ولكم مني كل الحب والتقدير والاحترام.

التعليقات