كتبت: حنان فضل الله
على نيّة ليلة ميلاد المخلّص، يسعى الأستاذ عصام عازوري، طوال العام- كما كل سنة- بنشاط نحلة، يدعو، يشدّ الهمم للمشاركة، يروي إيمانه للجميع، وينقل العدوى.. طبعاً الخير يُعدي والحب يُعدي ونداءُ الحقُّ يُعدي.. حتى تكاد تعتقد أنه المؤتمن على ليلة العيد.. عيد؟ ونكرّر كما في كل مرة مع الشاعر الكبير الراحل أبي الطيب المتنبي: بأية حال عدت يا عيدُ؟!
يكفي أن تطلّّ على منشوراته الأستاذ بين الحين والآخر، لتجده متمسّكاً بالرجاء، رغم آلام فقد شخصية مَسَّتهُ، برحيل أحبّة وأصدقاء، آخره مرشده الروحي الأب جوزيف عبد الساتر الذي فارق الحياة اليوم إلى حيث لا ألم ولا تعب ولا ظروف دنيوية صعبة..
نقصدّه كل سنة، ربما لأنه يُذهلنا بأصراره على إحياء “طقس” ميلادي ابتكره وهو جمع المغارات الميلادية وجع بصائر الناس، كباراً وصغاراً، مسيحيين وغير مسيحيين حولها، يعدّ لها طيلة أيام السنة، تكريساً لفكرة الميلاد بذاتها.. فالميلاد عنده خارج التواريخ والوزرنامة..
أو ربما لأنه يعيد إلينا شعلة إيمان “نفرفر” حتى تكاد تنطفىء من قسوة رياح الأخبار ونَكد الساسة والسياسيين والمتابعات والقهر والظلم اللاحق ببني البشر على أيدي أبالسة العصر..
أو لعلّها الثقة، بأن خلف إيمان هذا الرجل صدقٌ عظيم.
المستشار الإعلامي ورئيس الجمعية الدولية للروح الميلادية الأستاذ عصام عازوري عن المناسبة ضيف هذا اللقاء، منا أسئلة ومنه إجابات وبركات رغم كل الحزن الدفين، رجاء الميلاد قائم وقادم.
********
اقترب عيد الميلاد ولا تزال ككل سنة تستعد له رغم كل الظروف، تجمّع المغارات الميلادية، تدعو الناس، تشجّع أصحاب المغارات للمشاركة؟ ما الذي يميّز احتفالية الميلاد هذه السنة بالذات؟
في 2023 مناسبة لن تتكرر، وهي مناسبة مرور 800 سنة على أول مغارة ميلادية حيّة أسسها القديس فرنسيس الأسيزي في غريتشو الإيطالية، حتى يرى بعينيه البشريتين تواضع يسوع الذي ولد في مذود كما يقول. هذه المناسبة اقترنت بإنعام خاص، يدعى غفران أسيزي، لكل من يزور مغارة ميلادية ويتصالح مع الله من خلال الاعتراف، ويتناول في احدى الكنائس الفرنسيسكانية حول العالم، وبينها بيت مار فرنسيس في المطيلب (المتن الشمالي) حيث معرضنا الدولي السابع للمغارات الميلادية حى 7 كانون الثاني.
حاولنا في هذه السنة تشجيع الحرفيين اللبنانيين عبر اضافة مغارات ميلادية من انتاجهم، وبالمناسبة اشجع الجميع على القيام بذلك ايضا، لأن هذه المبادرات المجتمعية الصغيرة قادرة على حثّ الناس على المشاركة،
بالاضافة إلى هذه النعمة الخاصة، معرضنا يتميز هذه السنة باستقطاب شريحة واسعة من الزوار، من خلال مبادرات مجتمعية تضمن زيارته من جانب اكبر عدد ممكن من المهّمشين، تأكيداً على أن صاحب العيد اتى من اجلهم. وقد افتتحنا المعرض بقداس احتفالي زينته المرنمة الاستاذة شانتال نبيل عقل، كما استضفنا محاضرة للمطران سيزار إسايان، النائب الرسولي في لبنان، ونستعد لاستضافة الدكتور ناجي قزيلي، الخبير في شؤون البابوات والكرسي الرسولي ليتحدث عن اسهامات البابوات في روحانية عيد الميلاد، وذلك مساء الجمعة 29 كانون الاول.
اما خارج مقر المعرض، نحن نعمل على نشر الروح الميلادية من خلال انشطة مبتكرة، بينها المشاركة، للمرة الاولى، في عرض مجموعتنا الميلادية إلكترونيا، في الكنائس المتنوعة في سلطنة عمان. وكذلك ننظم مع جمعية عدل ورحمة في دير مار الياس، الكنيسة (المتن الاعلى) ابتداء من الساعة 5 عصر الجمعة 22 كانون الاول، سهرة ميلادية روحية تتضمن التبرك من ذخيرة كنيسة المهد في بيت لحم.
كما عرضت المجموعة الميلادية في عدد من المدارس والجمعيات والرعايا في لبنان وخارجه، ونحن على استعداد دائم لمشاركتها مع من يرغب.
نردّد كثيراً في هذه الأيام “أين الله من كل ما يجري”؟ ما تعليقك؟ هل هو نقص في إيماننا؟ أم هو إيمان خارق بقدرة الله وحده على اجتراح المعجزات وإنهاء كل شرّ وشرير؟
الله براء من الشر الذي في العالم. فالظلمة ليست قوية في ذاتها، بل انها تظهر في غياب النور. لما نخرج الله من حياتنا، أيا كان إيماننا ومعتقداتنا، ونبدأ برسم مستقبل غريب عجيب، لنعيد هيكلة الانسان على غير الصورة التي صنعه الله بها، فنضع رأسه حيث يده، وقلبه حيث أنفه، نعود إلى الزمن السابق للتكوين…. أول عبارة في سفر التكوين وصفت الأرض بأنها كانت “خربة وخاوية”، كم تشبه هذه الصورة غـ..زة!
اما بالنسبة الى نقص ايماننا، فحتى لا أتفلسف كثيراً اذكر عبارة فيها كثير من المسؤولية، حيث يقول لنا المسيح في انجيله: لو كان لكم ايمان على قدر حبة الخردل، لقلتم لهذا الجبل ان ينتقل، فينتقل… يعني افضل الا نتكلم عن حجم ايماننا.
في آخر الليل ينبلج الضوء دوماً، لكن نتمنى ألّا يطول هذا الليل المجرم الذي يحصد حياة الابرياء.
تستقبل رمزية الولادة المقدسة بكثير من رجاء.. ما هو سرّك؟ كيف ممكن تنقل “عدوى” الأمل لكل البائسين؟
“انا ما عندي امل”، لكنني اسعى لكي يكون لي رجاء. 2023 كانت قاسية جداً حيث فقدت وما زلت أفقد (حتى خلال هذه المقابلة) أقارب وأصدقاء وأعزاء. وآخرهم مرشدي الروحي الأب جوزيف عبد الساتر الذي غادرنا اليوم. رجائي ان تكون 2023 سنة تمحيص الفضة وتنقيحها، حتى تكون 2024 سنة تحقيق الرجاء بأيام سعيدة.
وفي الانتظار، لن اتعب من المناداة الدائمة بأن يكون كل واحد منا ناشرا للروح الميلادية حوله، ولو بمنقوشة، او حبة دواء او ربطة خبز.. ومن يستطيع أن يعطي أكثر، ليته يعطي أكثر.