المفكّر الشجاع د. جود أبو صوان حوله آخر إنتاجاته الفكرية “ما بين الشك واليقين”- الحلقة 1

على نية اليقين العابر لدروب الشكّ وما بينهما، أسئلة كثيرة يبنيها المفكر الشجاع د. جود ابو صوان، فكرة فكرة، مسألة مسألة.. بحثاً بحثاً.. على مرّ عمره الذي لا يزال نضراً رغم أنف الثمانين.. في محاولة للوصول الى الحقيقة والإضاءة عليها من جوانب الجرأة الفكرية والعقل غير المقيّد ببدعة من هنا وخرافة من هناك وخنوع من هنالك.. الإيمان خارج الخرافات التي شبّكت العقل البشري حتى أربكته 

هل الأمر بهذه البساطة؟

نعم ولا..

حوار على حلقات تنشره، “حرف عربي+” شاركت في بعضه الإعلامية الأستاذة هلا حدّاد..

نحن مثله لا نجيب.. نحن نسأل لنعرف ونطلب المعرفة لنفهم..

والخلاصة؟

أن نستكين ونتوازن مع الحياة.. مع ذواتنا ومع الله الذي لا إله إلا هو..

 كتبت: حنان فضل الله

لنبدأ معك د. جود أبو صوان عن كتابك الأخير “ما بين الشك واليقين”.. ذيّلته بما يشبه الإبلاغ والتحذير.. كتاب لمن يجرؤون.. من يجرؤ على القراءة؟! وقراءة هذه الأفكار برأيك؟

أريد للناس أن تتخطّى الخوف من الفكر..

من الفكر الديني!!

أيّ فكر كان، لا تخافي منه..

لعلّه أكثر ما يخيف..

لديّ جملة أردّدها: “إنّ رجال الدّين عبر كل العصور، أقاموا حاجزاً من الخوف بين الله والناس، وملأوه بالأساطير والخرافات، للسيطرة عليهم”.. الله لا يخيف.

صحيح.. لكن الناس “مبسوطين”!!

“مبسوطين؟! مبسوطين بضعفن!!”ليس بالخوف بل بضعفهم.. والخوف يتسبّب بقلق نفسي، تكثر أمراضك النفسية..

صحيح..

وأمراضك النفسية بتعمل أمراض جسدية!! “طيّب”.. انتِ تعيشين و”مبسوطة” وحين تفكرين بالموت يذهب كل “البسط”.. ألا يعني ذلك أن الخوف هو سبب تعاسة الإنسان..

أهل السلطة أياً كانوا بتسبّبون بالخوف.. حاكم ظالم، مسؤول متحكّم بمصير الناس، أب متسلّط.. كل هؤلاء يلعبون على مسألتي الخوف والجوع أيضاً بمعنى الحاجة إليهم..

ألم أقل لكِ إن الخوف هو للسيطرة على المجتمعات..

نعم..

رجال الدّين وحتى يسيطروا على المجتمع، يخيفونك من الله والعقاب.. والسّلطة تخيف عبر القوانين وتفرض وجودها من خلالها. أليس كذلك؟

صح..

اليوم توصّلت إلى قناعة.. أنا الثائر على هذه الأوضاع، لماذا لا يمكنني إصلاحها.. سأعطيككِ مثلاً: أنني مسافر  في صحراء عظيمة حرّها شديد، وعلى كتفيّ أحمال ثقيلة، والمسافة طويلة، والتقيت بمجموعة من الحمير.. ماذا أفعل؟ أمشي بالقرب منها أم أستعملها للركوب وعبور الصحراء؟؟

إمممم..

أركب عليها.. رجال الدّين ورجال الحكم هم هذا المسافر الذي يركب على تلك الحمير، “مجبورين يعملوا هيك لأنّو الله خلقهن لحتّى هودي يركبوا عليهن”.. هذا هو التوازن الكوني..

بمعنى؟؟

بمعنى أنه هذا القانون الكوني بناءً لقانون الثنائية، وجود الجاهل والعالم، الموجب التالي الـ”ين” والـ “يَن” المرأة والرّجل.. اللّيل والنهار.. “يا ستّي” وجود الشيطان.. إذا لم يكن موجوداً، ما الحاجة للرجوع إلى الله؟ هذه الفرضية الفرضيّة البسيطة. إذن، وجود الشرّ مثبت لوجود الآخر أو مثبت بذاته..

لوجود الخير؟..

لوجود الخير نعم.. والعكس هو الصحيح.. من هنا أقول إننا مجبرون على العيش.

غير مخيّرين؟

أبداً.. اسمعي لإحكيكي..

أسمعك..

هي نظريتي.. تقبلينها أم لا تقبلينها لا أعرف!! لكن لو أُعطيَت حرية الاختيار للناس.. ألا يُدمّر الكون؟

لا زلت أسمع..

إذا سألتك من تختارين؟ تقولين أريد فلاناً.. تطلبين الأفضل لك، ولأولادك تريدين أحدهم مهندساً والآخر طبيباً أو أكاديمياً بمنصب رفيع.. “بدي كذا وكذا وكذا”.. من يملأ شواغر الدنيا ومهنها البسيطة؟ ماذا يحصل حينها.

نعم..

هناك عقل كلّي قام بإعداد هذا الكون بتعدّدية لانهائية.. في المظهر العادي، هي متناقضة في الوجود، ولكّنها في الجوهر هي مثبتة لهذا الوجود.. ومكملة لهُ.. بالأمس كنت في بعلبك عند المفتي الشيخ خليل شقير وهو صديقي الحميم. قال لي أنت تؤمن بالجبرية؟ فأجبته: تماماً وأنا أسلّم أمري بالكامل الى الله. هل أقبل أن أمرض؟ إن كنت مخيراً فأنا لا أقبله..  لالمرض وكل شيء.. أين الخيار؟! لا خيار للإنسان. نحنا خلقنا لغايةٍ هو يعرفها..

هو “الله”..

هو “الله” نعم.. نحن لا نعرفها، نحن نفسّر أسباب وجودنا دون أن نعرف.

طيّب.. لنتعمّق أكثر.. لماذا وُجدنا؟

لا أحد يعرف.. لغايةٍ يعرفها من خَلق.

في القرآن الكريم “وما خلقتُ الإنس والجنّ إلاّ ليعبدون”.

هل الله صاحب غاية في الخلق؟ الله لا غاية لهُ في الخلق إلاّ الخَلق.. لذّة الإبداع .. لذّة الخلق..

واللّذّة هي من صفات الإله؟

“لَكَنْ”!!

إنجاز!

فاض من ذاته هو فيض.

طيّب هي النظريّة الفيضيّة إذن؟!

الفيضيّة هي الفيض.. من هو الله؟ هو مالىء الأكوان.. خالقها.. مالك الأكوان.. مالئُها وفائضٌ عنها..

مالئها لأنّه لا حدود لها.. وفائضٌ عنها لأنه لا زمان له..

من هو الذي يعيش سعيداً؟

هو من سلّم أمره لله واقتنع بما قسم له هذا الله من هذه الحياة. أنا سعيد.

صحيح، لكن أليس في ذلك فيها بعض الاستسلام وقلة الطموح، في أن لا يسعى الفقير إلى طلب الرزق والعمل؟

لا لا.. الطموح الذي قصدته هو أن يغيّر الشخص خطة وجوده التي وضعها الخالق له. هذا الفقير لديه نواحٍ من السعادة لا تعرفينها.

وقد لا يكون يعرفها هو بذاته!

وهو لا يعرفها.. وانتِ لا تعرفين ما بعد هذه الحياة ما هو دور هذا الفقير .

ما بعد هذه الحياة؟؟

نعم فأنا لا أومن بالموت..

تؤمن بحياة من نوع آخر!!

أنا أسأل.. أنا ما هي هذه الحياة أساساً؟

حسناً..

الحياة هي أمر الله في المخلوقات.. هي أمر الله في المخلوقات..

هي أمر الله أو هي أحد أمور الله؟!

هي أمر الله ولا أمر واحداً لله.. أمر الله هو كامل.. جزء من أمر الله هو خلق الحياة.. لكن أنا وأنت نحن شركاء في هذا الأمر، ونحن أخوة في هذا الأمر.. لذلك أنا أميّز بين إنسان وإنسان.. لا بحسب الدين أو اللون أو العرق زغير ذلك، بل من خلال العمل.. عملك جيّد أوافقك عليه، عملك سيء.. لا أريده.. أنتقي أو هُيّىء لي أن أنتقي.. هُيّىء لي .. لا يمكنني أن إنتقي أحياناً أضطر أن أعايش “واحد أزعر” لم أختره، لكنه فُرِض عليّ.. “قد ينجب شخص ولداً يريده آدمي وطلع أزعر.. مجبور أحضنو”..

صحيح.. قانون الحياة ..

قانون الحياة لكنه قانون الجبرية، أمر الله لا يموت.. يموت المأمور.

لا يموت أمر الله.. هو يتحوّل؟ تحصل عملية metamorphose؟

….

يتبع…

التعليقات