كتبت: حنان فضل الله
(الصورة أعلاه للمخرج Garabet Tahmajian @GaroTNT
محزن أن ترى شاشة تلفزيون لبنان بألوان SECAM الطولية..
قرارٌ أصدره اليوم وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري بحق تلفزيون الدولة اللبنانية وفي زمن “بيروت عاصمة الإعلام العربي”.. رداً على إضراب موظفي التلفزيون الذين لم يقبضوا مستحقاتهم من شهور طويلة ولا نالوا الحقوق التي وُعدوا بها من قبل الوزير المتفهّم لمطالبهم..
صحيح أن الوزير الحالي غير مسؤول عن مشكلة تراكمت.. لكنه الوصي على حقوق الموظفين والمتعاونين فيه..
كلمة حق مختصرة تقال، إن التلفزيون الرسمي وكامل موظفيه، هم ضحية انفراط الدولة بكل مؤسساتها، معالي الوزير يعرف جيداً أن تلفزيون لبنان، هو ابن الدولة وصورتها وأحد رموزها.. شهد تراجعاً كارثياً أمام سطوة الإعلام الخاص..
تلفزيون لبنان تراجعت ميزانياته، وتضخّمت_ بالدعم والتمويل المدسوس وغير المدسوس_ مخصصات التلفزيونات الخاصة ونمت ونجمت شاشاتها وأنتجت شخصيات و”بلاعيط”، وصارت أمراً واقعاً، لكل أجندة ودويلة تلفزيونها.. إلا تلفزيون الدولة أوقف معالي الوزير بثّه!!
لكن مهلاً.. هل يحضّر معاليه مفاجأة في إرضاء أسرة التلفزيون عبر إعطائهم حقوقهم؟ تفاؤل مفرط؟ ربما.
هل يتدخّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فيوقف رحلاته ويخبط قدمه بالأرض ويصرخ: لن يوقف تلفزيون الدولة لأنه يمثل الدولة التي أمثلها مع مجلس وزرائي.. والدولة صارت بغياب رئيس الجمهورية وكأنها دولتي؟..
ثمّ..
هل يفكّ وزير المالية في الحكومة المستقيلة يوسف الخليل “دكة” ميزانية هي في الأساس ليست جيبه الخاص، ويفرجها على ناس التلفزيون؟
ليس صحيحاً أن تلفزيون لبنان “لأي بلي”!! ولا صادقاً أنه “بالناقص”.. ولا محقّاً “ليه مين بيحضر برامجو؟”.. ألا تكفي رمزيته للشعور بالخزي والخجل والزعل من قرار إيقاف البث رداً على إضراب؟
أصحاب الحقوق والمعاناة اليوم لم يوظّفوا للتراضي الطائفي ولا كرمال هالعين.. ولا “دحشوا” لوائح أسماء تقبض ولا تعمل.. لعلّهم ضحايا من وظّف ومن لبّص ومن قبض وعمل في مطارح أخرى.. والأهمّ ضحايا من قرّر أضعاف هذه لشاشة العريقة على حساب الدكاكين الإعلامية..
بكل الأحوال: سوف تكثر التصريحات المستنكرة.. وتغطي المحطات الخاصة أحوال تلفزيون الدولة البائس والبائسة (البائس والبائسة صفتان تصلحان للدولة ولتلفزيونها معاً).. وسيتصدّر اسم التلفزيون وظروفه وإيقاف بثه لبعض الوقت، موقع تويتر سابقاً إكس حالياً وفايسبوك وغيرهما.. فهل من يشمّر زنوده للحل؟
هل يمكن للوزير أن يقوم بدور البطولة وينقذ بـ “جرة قلم” أو يسعى على الأقل لحلّ أزمة تتجاوز بخطورتها “رزقة” عائلات تعتاش من هذا الصرح الإعلامي الكبير والمسكين في آنٍ معاً؟! تتجاوز ذلك إلى المسّ برمزية تلفزيون الدولة؟
أم أن الفتنة تتطلب إطفاء بوق الدولة الذي أنتج “أبو ملحم” و”الدنيا هيك” بكل مناقبهما الأخلاقية، وشهد نجومية عمالقة وريادة الإعلام المرئي في العالم العربي على حساب ديوك مزابل الدويلات الصيّاحة؟