لـ Dramadan كل السيطرة: اقتصاد مهترىء، فراغ رئاسي، عدوّ ينقضّ على المقدّسات لا بأس لا بأس!!

كتبت: حنان فضل الله

مع حلوله في كل سنة، يُنتج الشهر الفضيل نمطاً معيناً من الحياة، ملؤها الدراما والتعليقات.. يتوقف الزمن لشهر هجري كامل (29- 30 يوماً) أو حتى انتهاء حلقات المسلسلات التي تملأ الدنيا وتشغل الناس، بكل ما للشطر الشعري من معنى.. كل الاهتمامات تنصبّ على ما يدور على الشاشات “الصغيرة” وأحاديث الصالونات والثرثرات ومواقع التواصل الجتماعي التي باتت ترانداتها تُحتسب.. حتى أنها تفوّقت على كل حدث أمني (الاعتداءات على الأقصى المبارك في عزّ “دين” الشهر المبارك مثله، والشعب العربي صائم، يعطّر الأجواء بأنفاسه “العطرة”، تقرّباً بالتجويع والعطش، من ربّ العباد.. يمارس فريضة دينية مذكورة في كتاب الله) كما تفوّقت المتابعة الدرمضانية على إهانة مقدسات (حرق المصحف الشريف، آخرها السويد) واقتصادي (الدولار والأسعار وبئس المصير والمسير والمسار) واجتماعي (الغلاء من دون سقف ضابط، انتحارات بالجملة، سرقات منوّعة من كابلات النحاس إلى الدكاكين والمحلات الأكبر والأفراد.. إلخ.. إلخ.. إلخ)..

كذلك، فتحت مسلسلات الشهر الفضيل سوق النقد، فقد أضيف إلى ملايين الخبراء الاستراتيجيين، والمحللين العسكريين والباحثين في الأنين السياسي والاقتصادي، وعلماء الجيولوجيا، جيش من النقاد، نقاد الصورة المشهد الأداء التمثيلي الإضاءة، الإخراج الحبكة القصصية، السرديات وغير ذلك.. من المسلسلات التي “فرقعت” نجاحاً كان النار بالنار، الزند ذئب العاصي و وأخيراً.. نجوم الأعمال المذكورة صف أول تلقوا التهاني على نجاحهم في أداء أدوارهم. 

نجومية.. ونجومية موازية

تيم حسن، دانا مارديني، كاريس بشار، نادين نسيب نجيم، سلوم حداد، كارمن لبس، باسم ياخور، ندين خوري، نانسي خوري، محمود نصر، عباس النوري وطبعاً منى واصف (مع حفظ ألقاب “العظمة” التي يحبها الجمهور- “الفانز” عادة، لكل هؤلاء المذكورين ومن لم تذكر أسماؤهم لضيق المساحة).. وآخرون استحقوا كل كلمة إطراء رافقت أداءهم.. ومنهم على فكرة من لم يقدّم جديداً ملفتاً إلى جانبهم وعلى سبيل المثال، إن دور أم ياقوت لم يقدّم جديداً للنجمة العريقة منى واصف.. هذا مثال، لكن 

جيد جداً.. بل ممتاز

وليس على درجة أقل من سلم الأداء الناجح: كميل سلامة، وفاء طربيه، فائق حميصي، فيفيان أنطونيوس، شادي الصفدي، جان دكاش، أحمد قعبور، طارق تميم، غبريال يمين، وسام فارس، ساشا دحدوح، زينة مكي، تيم عزيز، أنجو ريحان، طوني عيسى، لهؤلاء المقام العالي في الأداء الممتاز لشخصيات لعبوها بدرجة عالية، لكن “التبجيل لم يطل أداءَهم كثيراً، ولم يُنصَفوا كثيراً.. وغيرهم كثر.. ربما بهرجة الأسماء اللامعة أو الملمّعة خطفت بريق أدائهم.. 

على فكرة.. نجوم التبجيل فئة A هم ممثلون أدّوا أدوارهم بأسلوب جيد، جيد جداً، ممتاز.. لمَ تحويلهم إلى آلهة؟ هل النجومية حظوظ ودعاية، خصوصاً وأن نجوماً من الفئة A وُضعوا بتصنيف البروباغندا في مرتبة الـ B وما دونها السيدة وفاء طربيه مثلاً ، فيفيان أنطونيوس، وسام فارس، غبريال يمين، الفتى الموهوب تيم عزيز.. وغيرهم..

مبالغات مبالغات

من “عوارض” الانبهار بالأعمال التي عرضت في هذا الموسم الرمضاني، أن البعض ذهب إلى عدم التصديق أن الزند ذئب العاصي مثلاً هو عمل درامي عربي!!! لماذا نستكثر على أنفسنا الأعمال “المتعوب عليها”؟ لقد بُذل في المسلسل جزيل انتاج وجهد إخراجي وتمثيلي عالي المستوى.. 

البعض الآخر “أبدع” في تركيب فيديوهات كاريكاتورية لشخصية عاصي في العمل نفسه، وكذلك الباشا.. مع تعليقات ساخرة.. صارت مسبّات عاصي وألفاظ لسانه البذيء (المبرّر درامياً) تتردّد على ألسنة كثيرة تابع “لائكوها” المسلسل عن بكرة أبيه.

..”هانت”!!

أيام وينتهي “درمضان” والتنافس الذي قام بين كل نجومه، بإرادتهم أو بإرادة الجماهير و”الحس الدعائي” عبر منصات البث الرقمي أو الكلاسيكي والضخ الإعلاني والإعلامي ..

الناجحون من هؤلاء النجوم ليسوا آلهة.. هم ممثلون يؤدون أدوارهم بشكل جيد، جيد جداً، ممتاز.. هذا حجم الموسم.. لا أكثر ولا أقل..

هاشتاغات بالعشرات رافقت الكثير من المسلسلات وصل بعضها إلى حملة مديح هائلة بحقّ الممثلين الذين نجّموا في مسلسل وجذبوا جمهوراً واسعاً نحوه.. “إبداع” “عظمة” تفوّق ذهول دهشة كاست موفق وسام صباغ فيفيان انطونيوس  احتفالية نجاح المسلسلات وتشهد عليها تغريدات وهاشتاغات تويتر وبوستات فايسبوك

تفقيس نقّاد

خلال كل Dramadan (دمج كلمتي دراما ورمضان. يفتح سوق النقاد.. وكما ذكرت أعلاه، فإن “كلن يعني كلن” أصبحوا نقاداً، أجّلوا الحديث في السياسة والاقتصاد والغلاء والزلازل والهزات الأرضية.. وركّزوا على الدرمضانيات حتى أن أحدهم وهو ناشط “إلكتروني” أو ما بات يعرف بالـ “مؤثر”، يعطي علامات من عشرة في تقييمه للأعمال المعروضة!!

لا ناقد يُحسب لكلامه حسابٌ أو على جدية واحترافية في عالمنا العربي، إلا قلّة قليلة جداً، من أهل التخصّص لا الادعاء، من أهل الحرفية لا الدعاية..

النقد الفني اليوم صار رأياً بل “مجرد” رأي شخصي يمون على صاحبه فقط، لا يغيّر مسار حبكة ولا يؤخذ به في حركة الكاميرا أو كادرات التصوير.. هو حضور موسمي لا يقدّم ولا يؤخر.. للأسف طبعاً الأقسى من شديد. واستطراداً.. هل يقبل نجم أُغدقت عليه كل ألقاب التمجيد والعظمة، أن يسمع نقداً موجّهاً لأداء “مش ولا بدّ”؟ أو أن تتلقى نجمة علا شأنها جداً، أن تتقبّل ملاحظة حول لهجة لم تتلقنها جيداً؟ أو أنها تلعب شخصية “مربى شوارع”.. لِمَ تحكي كبنات الصالونات؟ حول ماكياجٍ غير مناسبٍ في مشهد ما؟ هل ترضى صاحبات “الشفايف” والخدود المنفوخة أن يقال لهن “رح يبجّوا أو يطلعوا من الشاشة”؟!! 

هل يتقبل نجومنا العظماء- برأي فانزاتهم المهتاجين درامياً، أن تقول عن أحدهم أن اختياره لهذا الدور ليس مناسباً؟ طالما أن الجميع قدّس سرّه العظيم ووضعه في مصاف المبدعين؟! 

المهم

العمل الناجح في رمضان، قبله وبعده، يحتاج قصة موفّقة، حدوتة جميلة محبوكة جيداً، ممثلين يمتلكون إمكانية “لبس” الشخصية ويوظفون كل إمكانياتهم لأداء جيد، جيد جداً وممتاز..

كذلك، يحتاج العمل الناجح في رمضان، قبله وبعده، إلى جهة إنتاجية واعية وسخيّة.. ومخرجاً ذكياً بعين مثقفة، وجمهور يكف عن التصفيق المتعصّب!!

التعليقات