كتبت: حنان فضل الله
الصورة من تصميم المخرج @GaroTNT
غريب كيف انتظر المغردون إلى ما بعد ظهر اليوم ليصبح اسمه ترند.. بالأمس مرّت “عمْلته” على السكيت على مواقع التواصل، تناقل خبره الأصدقاء المستنكرون، ممن يعرفون قيمة العيش معاً، بدلاً من التشدّق بالعلاقة مع الآخر.. في مزايدة وطنجية واضحة ولكن من مستوى “أبو رخوصة”!!
لقد حوّل المحلّل السياسي القلاّب نفسه، إذن، إلى ترند على منصة X على الرغم من أن العالم، مشغول بما هو مصيري أكثر، بمعركة أنقى سترسم شكل المنطقة لسنين طويلة، وبهموم أناس يعانون خسارات على كافة المستويات، من الأنفس إلى الأرزاق إلى أحلام الغد القريب والأبعد.. لكن بقيت لهم كرامة وجذور يدافعون عنها بكل ما سبق..
غريب كيف راهن الناس عليه ليكتشفوا بعد الشقلبة، أنه صار أبعد من خصم.. صار كارهاً لهم، رافضاً للعيش معهم!! هم الذين انتظروه وأحبوه، وابتسموا لنكاته، وأحياناً فقعوا من الضحك لقفشاته.. لقد استهضموا تعليقاته الساخرة، وصدّقوا تحليلاته!! وهم في عزّ أزماتهم!! اليوم خابت آمالهم به، بعد أن أمعن سخرية من معتقداتهم، مهما حاول تلميع هيئة ما قاله..
مهما جرّب أن يعتذر، جمهور عريض استنكر، علماً أن جزءاً من هذا الجمهور تابع لمعلّم وأستاذ له.. وجمهور آخر ينتمي إلى دينه ذاته، أو مذهب من دينه، صعقهم ما قاله!! خصوصاً بعد أن بدأ بتقشير جلده والتحوّل (أو العودة) إلى معدن صدىء..
يقال إنه وعد نفسه -بعد تقرّب تكتيكي مصلحجي من أحد أهم رموز لبنان المعاصر، الحرّ جداً والسيد جداً والمستقل جداً جداً جداً، وعد نفسه بمنصب ما.. وحين لم يحصل على ما وعد نفسه به، وبعد مطوّلات مديح واصطفاف ودفاع وتغنٍّ بما هو- عدم المؤاخذة- بما هو تحت زنار الشخصية الكبيرة، تشقلب واستدار.. كثيراً ما كان يقفز من مقعده في الاستديوهات دفاعاً عمن اعلن رفضه العيش معهم بالأمس.. كثيراً ا كزّ شفتيه وتبسّم وكثيراً ما “تفتف”..
حرّ هو في وتقلباته، ومعذور.. الجلد الذي ألصقه على جسده من نوعية بازاري،. “طقطق” وتقشّر على الميتامورفوزا التي يعيشها منذ فترة.. ليظهر سحنته الأصلية.
من قال له إن الكلّ يصوم رمضان؟ لأسباب صحية، “بحثية”، حرية شخصية,, لكن الكل يحترم الصائم وطقوسه وإفطاره وحتى رائحة نَفَسِه.. هؤلاء،
على فكرة كثير من أبناء تلك البيئة، لا يؤدون ولا واحدة من الصلوات الخمس في يومهم الوطني، لكن يُجلّون من يؤديها تقرّباً إلى الله ويؤمنون لهم سجادة الصلاة وماء الوضوء..
كثير من ابناء البيئة التي لا يريد العيش معها يحملون شهادات واختصاصات عالية، تشهد عليها كبريات الأكاديميات العالمية والعربية.. ورغم ذلك لم يتصرفوا بفوقية مقرفة تستدعي التقيؤ..
المحلل السياسي، ياما هلّل له الناس في اطلالاته الإعلامية، كان المتابعون للبرامج التي يحل عليها ضيفاً عزيزاً مدلّلا.. يحبونه، يحترمونه وينتظرون “ظرفه”، كان يفشّ خلقهم بقناعات يشاركهم بها، عن الوطن، والمواطَنة.. عن الدفاع عن الأرض مهما كلّف الأمر من تضحيات، التعلّق بالجذور، الثوابت التي تميّز الصح عن الخطأ.. وأن هذا الـ لبنان للجميع، وطنٌ نهائي لجميع أبنائه، ولمن يصلون ويصومون أيضاً..
وبعد.. لا بدّ من طرح الأسئلة التالية:
1- جدياً أين المشكلة في هذا المحلّل وأشباهه؟ هل انهم بوالين نفخها الاعلام والازمات المتلاحقة وضرورة ملء الهواء وإن كان بالـ هراء، فصدّقوا أنهم نجوم وسيليبريـ.. تيز؟
2- أم أن المشكلة هي في منسوب الثقة بالنفس بات أعلى من قدرة الشخص ذاته على احتمال؟
3- نجومية هؤلاء من صنعها؟ الحاجة الى ملء الهواء ولو حتى بالهراء؟
4- كيف ومتى تكاثر المحللون؟ أليسوا نتاج أزمات؟ أليسوا ضيوفاً رغب مضيفوهم أحياناً في رفع مستوى المشاهدة، من خلال بعض “هضمنة” ولسان فالت عند هذا الضيف أو ذاك؟
5- ألا يشبه هؤلاء- في رخصهم- نجوم الغناء الحاليين الذين باعوا كل شعور إنساني ولهثوا خلف حقيبة مال..
وقد ثبت بالوجه الشرعي أن أرخص الناس من سعره.. ساعة يد، سيارة.. شقة.. حقيبة مصاري “سفرة” على الدرجة الأولى..
إنه الزمن الرديء..
