ورشة العمل 3 لمشروع LIVINGAGRO- لبنان تسلّط الضوء على الاهتمام المتزايد بالزراعة الحرجية

نظّمت كل من مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية (LARI)، وكالة الغابات الإقليمية للأراضي والبيئة في سردينيا (FORESTAS) وجميع شركاء مشروع “المختبرات الحية عبر الحدود للزراعة الحرجية (LIVINGAGRO)”، ورشة العمل الثالثة حول أنظمة الزيتون المتعددة الوظائف في بيروت- لبنان يوم 16 شباط 2023 في فندق هيلتون- بيروت حبتور غراند. شهد هذا الحدث مشاركة كبيرة، حيث تخطّ عدد الحاضرين المئة شخص بما يؤكد على الإهتمام المتزايد لإصحاب المصلحة المعنيين بقضايا الزراعة الحرجية، لاسيما تلك المتعلقة بأنظمة الزيتون المتعددة الوظائف في منطقة البحر الابيض المتوسط.
على مدار اليوم، قدّمت نخبة من الخبراء والباحثين المرموقين من لبنان وإيطاليا واليونان دراسات وابحاث متميّزة، تبادلوا من خلالها خبراتهم وتناولوا مختلف القضايا والحلول المبتكرة مع المزارعين ورجال الأعمال والإداريين المحليين والباحثين والشركات الخاصة وصانعي السياسات وأصحاب المصلحة المتعددين في لبنان المهتمين بقضايا الزراعة الحرجية.

ورشة العمل
بدايةً، ألقى الدكتور ميلاد الرياشي، منسق مشروع LIVINGAGRO في مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية (LARI) – لبنان، كلمة ترحيبية نيابة عن الدكتور ميشال أفرام، المدير العام ورئيس مجلس إدارة LARI-لبنان، مؤكداً أن المشروع يوفر للمزارعين دعماً مستداماً يعتمد على أحدث الابتكارات والأساليب العلمية، مما يسمح لهم بتطوير مهاراتهم وقدراتهم الزراعية. ودعا الدكتور الرياشي المزارعين إلى التواصل مع الخبراء من خلال الموقع الالكتروني الذي تم إنشاؤه لهذا الغرض، مما يسمح للمزارعين المتابعين على المنصة الالكترونية بالإطلاع على المعلومات الخاصة بجميع المبادرات والبحوث التي أجرتها LARI والشركاء الدوليين الآخرين ضمن إطار مشروع LIVINGAGRO.
بدوره، قدم الدكتور بيتر مبارك، مدير المشروع فيLARI ، عرضاً عن الإنجازات التي تم تحقيقها خلال السنوات الثلاث الماضية، مروراً بالتجارب الميدانية والزيارات الميدانية ووحدات التعلم الإلكتروني وورش العمل السابقة وغيرها من الأنشطة.
من جهته، رحب الدكتور أنطونيو كاسولا، مدير عام وكالة الغابات الاقليمية للأراضي والبيئة في سردينيا (Forestas) – إيطاليا بالمشاركين في الحدث، بينما قدم الدكتور موريزيو مالوشي، مدير الخدمات التقنية في Forestas – إيطاليا ومنسق المشروع، لمحة عامة عن جهود الوكالة المستمرة في مجال التعاون عبر الحدود مع البلدان المتوسطية الشريكة من خلال العديد من المشاريع الممولة من أوروبا. كما تحدثت مديرة المشروع الدكتورة سارة مالتوني نيابة عن Forestas -إيطاليا ، وأكدت على التعاون المثمر بين البلدان المشاركة في مشروع LIVINGAGRO والنتائج المحققة، من بينها بناء مختبرين حيين لأنظمة الزراعة الحرجية، لاسيما أنظمة الزيتون المتعددة الوظائف (MOS) ومراعي الغابات. وشددت الدكتورة مالتوني في كلمتها على أهمية الزراعة الحرجية لمواجهة تحديات التغير المناخي، مؤكدة على دور المختبر الحي كبيئة ابتكار مفتوحة تهدف إلى دعم المزارعين وخلق تفاعل بين أصحاب المصلحة من خلال التقنيات الرائدة التي تساهم في نقل تكنولوجيا الابتكارات في هذا المجال. كذلك، دعت الدكتورة مالتوني جميع الحاضرين للانضمام إلى منصة LIVINGAGRO ICT على الرابط https://livingagrolab.eu/ والتسجيل ليكونوا جزءاً من برنامج المختبرات الحية عبر الحدود.
بعد الترحيب والتعريف بالمشروع، عرض الباحثون أحدث الابتكارات المتعلّقة بأنظمة الزيتون المتعددة الوظائف.
في هذا الاطار، قدم البروفيسور ثيودور تسيليجكيريدس، أستاذ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جامعة أثينا الزراعية في اليونان، مشروع FruitFlyNet-ii الابتكار الذي يعمل على نظام آلي لمراقبة ومكافحة ذبابة الزيتون وذبابة البحر الأبيض المتوسط.
وتناول الدكتور كلاوديو بوركيدو من CNR-ISPAAM – إيطاليا فوائد وأهداف استخدام غطاء خضري مكوّن من خليط مبتكر قائم على البقوليات. ويشمل ذلك تحقيق الإدارة المستدامة للتربة، ومنع تآكل التربة، والحد من استخدام المبيدات والأسمدة، وتحسين إحتجاز الكربون مع الحفاظ على إنتاج زيت الزيتون.
بدوره، ركّز الدكتور ميلاد الرياشي على استخدام “النطاق الزمني- الرنين المغناطيسي النووي “(TD-NMR) كأداة مفيدة لتحديد محتوى الزيت في عجينة الزيتون. ووفقاً للدكتور الرياشي، فإن الطرق المستخدمة اليوم مكلفة للغاية وتستغرق وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى المشكلة الناجمة عن الكميات الكبيرة من المواد الكيميائية المستخدمة التي تلوث البيئة. لذلك، يقدم TD-NMR بديلاً جديداً لتحديد محتوى الزيت في ثمار الزيتون بطريقة سريعة وفعالة من حيث التكلفة، وأشار الدكتور الرياشي إلى أن هذا الابتكار يعتمد على امتصاص إشعاع الترددات الراديوية بواسطة نواة ذرية في مجال مغناطيسي مكثف.
وأنضم الدكتور أندريا بيسانلّي من CNR-IRET في إيطاليا عبر الإنترنت لوصف الممارسة التقليدية لاستخدام الغطاء الخضري وأنظمة السماد الأخضر (بقايا تقليم الزيتون) كنموذج مستدام وصديق للبيئة في الزراعة الحرجية، مؤكداً على قدرته على دعم زراعة الزيتون، وتوفير العلف لحيوانات الرعي في أوقات نقص الأعلاف. وأشار بيسانلّي إلى أن هذا النموذج من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تأمين الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بطريقة مستدامة من خلال تحسين خصوبة التربة، وتوفير مسكن طبيعي للكائنات الحيّة المفيدة وخفض كلفة الانتاج بشكل اساسي عبر التخفيف من استخدام الأسمدة والمبيدات.
الدكتور أنطونيو برونوري مدير PEFC – إيطاليا قدم دراسة حول تعزيز وتسويق أنظمة الزراعة الحرجية من خلال مخطط برنامج المصادقة على شهادة الغابات PEFC)). ولفت الدكتور برونوري إلى أن هذه المبادرة تقودها منظمة دولية غير حكومية لا تستهدف الربح، مكرسة لتعزيز الإدارة المستدامة للغابات من خلال إصدار شهادات مستقلة من طرف ثالث، وقد وضعت مؤخراً معياراً خاصاً لنظم الزراعة الحرجية، كوسيلة لتلبية احتياجات السوق للنظم المدارة على نحو مستدام.
من جهتها، ناقشت الدكتورة لوسيانا بالدوني من CNR-IBBR – إيطاليا آثار تغير المناخ على بساتين الزيتون، كاشفة عن منهجية استكشاف لتحديد واختبار أصناف الزيتون المتكيفة مع المناخ والمقاومة للإجهاد، داعية إلى إجراء مسح واسع على المستوى الإقليمي داخل بساتين الزيتون التقليدية، بما في ذلك الأشجار القديمة.
أما البروفيسور بروكوبيوس ماجياتيس من الجامعة الوطنية وكابوديستريان – اليونان، فقد أطلق جهاز “متنبىء الزيتون” Olive Predictor ، وهو جهاز يتكوّن من معصرة مصغرة تشمل مطحنة صغيرة، خلاط صغير ونظام طرد مركزي قادر على انتاج كمية كافية من الزيت. يساعد هذا الجهاز على اتخاذ أفضل خيار لوقت الحصاد، بهدف تحقيق أفضل حل ممكن من حيث الكمية والجودة.
وأخيراً، ناقش الدكتور عبد القادر الحاج من LARI-لبنان نتائج تجربة استمرت عامين أجريت ضمن مشروع LIVINGAGRO لتقييم آثار السماد الأخضر والغطاء الاخضر على خصائص التربة وإنتاجية بساتين الزيتون في بلدة عبرا (جنوب لبنان). وعرض الدكتور الحاج لتفاصيل التجربة، مسلطاً الضوء على مشاكل الأراضي وكيف استفادت من الغطاء الاخضر وأساليب الزراعة الحرجية.

النقاش المفتوح
وفقاً لجدول ورشة العمل، أتيحت الفرصة للحضور للمشاركة في مناقشات مفتوحة جمعتهم بالخبراء وممثلي اتحاد LIVINGAGRO. خلال جلسة الأسئلة والأجوبة تم التركيز على كيفية تنفيذ أو تطوير الابتكارات في المزارع أو مختبرات الأبحاث، وكيفية الحفاظ على إنتاجية النظام باستخدام أحدث الأساليب والابتكارات العلمية.
ورداً على أسئلة الحضور، شجع الدكتور أندريا بيسانلّي المزارعين على تبني طرق رش جديدة وتنظيم كمية المواد الكيميائية المستخدمة بطريقة لا تضر بالمحصول الذي تستخدمه الحيوانات، مشدداً على أهمية رعي الحيوانات في بساتين الزيتون للقضاء على الأعشاب الضارة.
كذلك، سلطت الدكتورة لوسيانا بالدوني الضوء على الاستراتيجيات الجديدة المتبعة في زراعة الزيتون، والحاجة لمواصلة تعزيز البحث عن الأصناف التقليدية والأصول الوراثية للزيتون بما يناسب البيئة المتغيرة. وشددت الدكتورة بالدوني في مناقشتها على ضرورة تحديد المهارات البشرية والمعارف التقليدية التي تلعب دوراً ناشطاً في تحسين كمية ونوعية زيت الزيتون.
أما الدكتور ميلاد الرياشي فقد دعا إلى إدخال تقنيات جديدة، لكنه أعرب عن قلقه إزاء التكلفة العالية لهذه التقنيات، مما يحول دون استخدامها من قبل المزارعين بسبب الأزمة المالية التي يعيشها لبنان اليوم.
وذكر البروفيسور ثيودور تسيليجكيريدس أن “المزارعين يبحثون عن دعم مباشر وحلول سهلة التطبيق وليس عن إرشادات حول الحل المناسب، وهذا خطأ لأنه يتعين علينا إيجاد حل متكامل.” وأوضح أننا نحتاج أولاً إلى دراسة الموقع الذي نزرع فيه، والمدة الزمنية للزراعة، وما هي أنواع المبيدات التي يجب استخدامها، وكل هذا يجب أن يسبق اختيار التكنولوجيا التي نريد استخدامها.

على هامش الورشة 
وعلى هامش ورشة العمل، نوّهت الدكتورة سارة مالتوني بالعمل القيّم الذي يؤديه اتحاد LIVINGAGRO والتنظيم المهني لفريق LARI، وأهميته لمساعدة المزارعين الذين يواجهون التحديات في لبنان. وأشادت بالتعاون القائم بين لبنان وإيطاليا في مجال الزراعة الحرجية، مؤكدة أن لبنان سبّاق دوماً في جهوده المتمحورة حول إجراء البحوث وتطوير الأساليب الزراعية ومساعدة المزارعين على تنفيذ كل ما هو جديد من ابتكارات، على الرغم من الأزمة التي تمر بها البلد، وهذا يدل على المثابرة والقوة وقيمة تبادل المعرفة.
وأشار الدكتور بيتر مبارك إلى أن الاستجابة لورشة العمل هذه كانت كبيرة وشهدت إرتفاعاً ملحوظاً، مشيراً إلى أن العدد الكبير من طلبات التسجيل فاق التوقعات. وأوضح الدكتور مبارك أن المزارعين يهدفون إلى زيادة الإنتاج وخفض التكاليف، ولهذا السبب يهتمون بالقضايا المتعلقة بتنفيذ التقنيات والأساليب الجديدة. وبالفعل، فقد طرحت ورشة العمل هذه كافة الموضوعات البارزة، حيث تمكّن المزارعون من الاستفادة، بشكل أساسي، من تبادل الخبرات مع الخبراء الوطنيين والدوليين، والبحوث المقدمة على المنصة، والإطلاع المباشر على التقنيات الجديدة.
من جهتهم، أعرب المشاركون في ورشة العمل الثالثة حول أنظمة الزيتون المتعددة الوظائف عن امتنانهم لهذه الفرصة، مؤكدين أنها ستساهم في تعزيز معرفتهم في نطاق عمل الزراعة الحرجية. في هذا الإطار، أوضح إيلي نزيه هدوان، مدير المشروع في جمعية جذور لبنان، أن الجمعية تعمل على الحفاظ على الثروة الحرجية وكامل التنوع البيولوجي الموجود، ومن هنا اهتمامها بالزراعة الحرجية وورشة العمل هذه لمساعدة المزارعين. ووفقاً لهدوان، فإن الاستفادة من ورشة العمل هذه “تعني أننا نسير على الطريق نحو تنمية أفضل لزراعتنا، وتنفيذ تقنيات جديدة وابتكارات مهمة … التوعية لا تكفي، فالمزارع يحتاج إلى التشجيع لخوض تجربة جديدة.” وأشار هدوان إلى وجود “تعاون مع الجمعية الفرنسية للزراعة الحرجية وسيتوسع هذا التعاون ليشمل زراعيات أخرى.” أما يوسف بوعز، وهو مزارع يملك بستان زيتون، فقد أكد أن الاهتمام بمشروع LIVINGAGRO ينبع من هدفه في تطوير زراعته بشكل متكامل وتطبيق أساليب علمية جديدة يمكن أن تساعده على زيادة الإنتاج وتوسيع الرقعة التسويقية. ولفت بوعز إلى أن موضوع الغطاء الاخضر، الذي تمت مناقشته خلال ورشة العمل هذه، سيساعد على تقليل تكلفة الإنتاج والحد من استهلاك المواد الكيميائية.
تجدر الإشارة إلى أن الإتحاد الأوروبي يُساهم في تمويل مشروع “المختبرات الحية عبر الحدود للزراعة الحرجية (LIVINGAGRO)” عبر برنامج ENI CBC Med 2014-2020، ويتم تنفيذه في إيطاليا واليونان والأردن ولبنان. يهدف المشروع إلى دعم التعليم والبحث والتطوير والابتكار ونقل التكنولوجيا، بما في ذلك تبادل نتائج البحوث، من خلال إنشاء مختبرين حيين، أحدهما لأنظمة الزيتون المتعددة الوظائف (المختبر الحيّ1) والآخر للغابات الحرجية (المختبر الحيّ 2).

لمزيد من المعلومات حول المشروع: mraichy@lari.gov.lb

التعليقات