قلبي على بلدي- أبو غصّة

هي “عواميد” كنتُ كتبتها في بيتي الصحفي الأحب إلى قلبي، مجلة الحسناء، بإدارة الشيخ عفيف الصايغ الذي انطوت برحيله، مرحلة من زمن الصحافة المكتوبة الجميل والنظيف والراقي والنقي..

قرّرت إعادة نشرها في “حرف عربي+، حنيناً إلى تلك الأيام.. وما تضمّه في طياتها من ذاكرة عمْر.. بعضُ تغييرات أحياناً للنص الصغير؟ لا بأس..

حنان فضل الله

“أبو غصّة”-

لأن اسمه /لقبه، معلومٌ في الأوساط “إياها” فقد اخترتُ أن أغيّر “أبوّته” لغير ما هو سائد من الأسماء.. بسبب جُبن مفاجئ ألمّ بي..
إذن.. هذه حكاية “أبو غصّة” الزعّوم” الصغير في نهاية ثلاثينه، الذي قضى مراهقته على مراحلها الأولى، الثانية و.. العاشرة و كل عشرينياته، في نقل بواريد القضايا من كتف إلى كتف.. لا تزال آثار “جروحات” كتفيه موجودة حتّى اليوم..
كسب “أبو غصّة” سمعة “طيبة” من تزعّم كل المحاور، و صارت له خصوصية تلك “النّظرة المميّزة” نحو أحد الاتجاهات.. أقصد بالنّظرة عندما يروّس حاجبه الأيمن (على حساب الأيسر).. إلى فوق ويثبت نظره إلى.. فراغ.
تاجَرَ “أبو غصّة”.. في كل شيء.. في القضية، في البواريد، في حفاضات الأطفال في المساعدات.. و.. في “بيوت” المهجرين وكان كلما سمع بـ “وسقة” قَبْض قريبة، طار إلى جماعته.. سحب إخراجات قيودهم.. سجّل أسماء “كلّو مزبوط و قانوني، ما حدا بيقدر يغبّر على.. جاكيتّتي”..
و استفاد.. و استملك بعد فاقة !!
سمع أبو غصّة بأنهم سوف يعوّضون بملايين الدولارات على شاغلي المنازل المبنيّة بشكل غير شرعي على خط الجناح-أوّل الأوزاعي.. طار “أبو غصّة” من الفرحة وسارع إلى: “باطون .. حجار.. بحص.. رمل.. مش ضروري البلاط ولا تمديدات المجاري.. عمرولي بيت بطابقين.. خلوهن تلاتة.. ما بيأثر”..

وفي فترات قياسية.. عمّر أبو غصة بالضحك والمزح، بيوتاً تشبه كل شيء إلا البيوت.. قصد أصحابه و أقنعهم ـ..”مليون ليرة.. ربح صافي لكل واحد.. مليون !!”
نجحت القصة قبض “أبو غصّة” شيكّاً بـ..مليون و١٠٠ ألف دولار.. وزّع منها على أصحاب إخراجات القيد، بضع ملايين من الليرات.. و”استملك” الباقي.. فتح حساباً مصرفياً.. جمّد أمواله لفترة من الزمن.. ثم شغّل فوائدها كي يدّين بالفائدة.. ويستفيد..

على فكرة.. أبو غصة لا يقطع من فروض الصلاة واجباً.. يصوم حتى ينقطع نَفَسُه.. ويحلف بالكتب المقدسة جميعاً..

كم شبهاً لـ “أبو غصة” تعرفون.. منتوجات ميليشيات ربتها الحرب اللبنانية الآثمة؟

التعليقات