هي “عواميد” كنتُ كتبتها في بيتي الصحفي الأحب إلى قلبي، مجلة الحسناء، بإدارة الشيخ عفيف الصايغ الذي انطوت برحيله، مرحلة من زمن الصحافة المكتوبة الجميل والنظيف والراقي والنقي..
قرّرت إعادة نشرها في “حرف عربي+، حنيناً إلى تلك الأيام.. وما تضمّه في طياتها من ذاكرة عمْر.. بعضُ تغييرات أحياناً للنص الصغير؟ لا بأس..
حنان فضل الله
***
- مش فارقة معي يزيدوا ساعة ينقصوا ساعة.. المهم الصبح نام زيادة ساعة!!
قال سعيد لسعدى وهو يحاول إقناعها بعدم التحدّث في مسألة التوقيت الجديد الشتوي “بقا”!! وقد جرب المختصر ومعه المفيد لكن لا أمل بذلك..
قال سعيد:
- كل آخر أحد من ايلول رجّعي الساعة ساعة، حتى آخر أحد من آذار، وكل آخر أحد من آذار حتى آخر أحد من أيلول قدّمي الساعة ساعة.. ما دارتلك؟
- لا – ردّت سعدى بصوت طغى عليه العته المفاجىء المزمن معاً- مش عم استوعب اللعب بالوقت!
كتم سعيد غيظه:
- بالشتي بيصير النهار اقصر وبتعتم الدني بكير عطيوكي الصبح ساعة زيادة، بتوعي انشط، بتروحي عالشغل بانشراح، خليني نام!!
زمّت سعدى شفتيها وقطّبت حاجبيها:
- من وين؟ ما متل بعضا يا سعيد.. متل بعضا وبعدني بغلبط.. جربتا.. لقيت انو كل الناس والدواير (تقصد الإدرارت العامة) ماشية عالتوقيت نفسو!! ليه ما بيقسموا توقيت قديم لناس وتوقيت جديد لناس تانيين؟ صيفي لناس وشتوي لناس؟ شو فرقت اذا بينطبق عالكل؟ شو فرقت؟ مش منيحة نكون سواسية.. بتعجق!!
طوّل سعيد باله، قبل أن يمدّ يده إلى غطاء الفراش وينقلب:
- بدك تتعوّدي يا سعدى.. ما البلد كلو هيك ومش رح يتغير.. ما تعمليلي قصة!! تركيني إكسب هالساعة.. اشفقي عليي..
سحبت سعدى الغطاء عنه وتدلّلت:
- بلش من بكرا الله يوفقك!! مش عم اتبرمج أنا!! ساعتي البيولوجية مش عم تلبيني.. استعملي المنبه اتركيني نام
تأفف سعيد وقد عيل صبره:
- أووووه!!
- مش مشكلة المنبه.. عم فيق قبلو.. حسمتها سعدى!!
جلس سعيد على السرير، وكتّف يديه للحظات.. سعدى عنيدة واستيعابها صعب:
- طيب.. بدك تقتنعي؟
هتفت بلهفة:
- يا ريت
- هيدا القرار صادر عن مجلس الوزرا، تاريخو 23-9- 92، وبيقول: “يعمل به كل آخر أحد من أيلول حتى آخر أحد من اذار وبيصير شتوي.. وكل آخر أحد من آذار حتى آخر أحد من أيلول بيصير صيفي.. نامي بقا!!
برم سعيد برمة كاملة، وتكتّف وقطب حاجبيه ونام..
أما سعدى.. ففكّرت طويلاً، وحسبتها في دماغها:
- قرار؟ ورسمي؟ كنت قول هيك من الأول!!