كتبت: حنان فضل الله
اليوم لبنان احترق.. صار أخضرُهُ رمادياً.. انشغل الناس (!!) والإعلام (!!) بالخبر الذي لم يتوقف على منطقة واحدة.. بل بـ “بركات” الـ 6 و6 مكرّر.. ها هي الحرائق لا تزعّل أحداً، طالت مناطق علي وحسين وعباس، كما طوني وجورج والياس.. فاندلعت.. الفاعل فعل فعلته.. واثق بأنه لن يُكشف.. حرق أراضٍ لمكاسب في مشاريع سياحية.. لخَزن الحطب لزوم شتاء بارد موعود.. والعذر الأقبح من الذنب: أسعار المازوت مرتفعة.. ولّعها وانسحب الى بيته يتفرّج ثم يستنكر.. لم يفكّر للحظة (من حرق أخضر الجنوب) في مخلّفات للعدو الصهيوني- مثلاً- من قنابل عنقودية ومخاطرها الأكيدة.. أي جيب كفن سيتّسع لثروته؟!!
الفاعل واحد والمشغّل واحد.. من ولّع كل شيء في لبنان الجميل العظيم الحزين المحروق المنهوب والمسروق..
مثله مثل من يتلاعب بمنصات “توليع” تسعيرة الدولار.. والأسعار والشرف المباع والكرامة المنتهكة والسيادة المغتصبة..
لكن غداً يوم آخر..
هَوجةٌ واستنكارات، ثم توظيفات سياسية عن مسؤولية هذا وذاك.. وبراءة ذاك وهذا..
هذا هو لبنان الجميل الصابر.. لبنان العزيز الذي قاوم المحتل وطرده وأذلّه.. لكنه لم يتمكن من التقاط فاسد واحد من رقبته وتسليمه للعدالة.. العدالة؟!!
باختصار شديد..
غداً سيكون يوم جديد.. نيو.. ستشرق الشمس على مشهد رمادي.. كارثة بيئية مثل غيرها من الكوارث والخسارات..
غداً.. أو بعده.. أو بعد بعده.. ستحاول الفتنة أن تطلّ برأسها، كما في كل مرّة، وكما في كل مرّة تعربد قليلاً.. فـ “يكاغونها” قليلاً ثم تعود لتأخذ غفوة!!
غداً.. كما بالأمس وفي كل مرة.. سَيُفَوْجِر الإعلام- معظم الإعلام إلا قلّة- ويوظّف “بواجيقَه” في خدمة “الأجندة”.. إياها..
سوف يميل الرأي العام (البغل) في معظمه، مع البهرجة.. سيصدّق الإعلاميَّ النجم- الشاذ أخلاقياً وجنسياً ومهنياً- ما غيره، ويتفتف ويقهقه ويعطي “فانزاته” رأياً مقبوض السعر.. ثم يقلّده عدد من “الإعلاميين” أشباهه أو الطامحين لنجوميته، على متن برنامج سخيف، له جمهوره المختلّ وطنياً.
والرأي العام _البغل ذاته- سيراقب استعراض المذيعة التلفزيونية “النجمة”.. يتفرّج عليها كدمية “هبلة” تلولح بشعرها وتحكي سياسة (!!!) وتسخر.. وتتهضمن، مثلها مثل المذيعة التلفزيونية الأخرى (يمكن وضع الفتحة أو الضمة على الألف).. كلتاهما من سوق نخاسة إعلامية واحدة.. ومثلهما كثر وكثيرات.. أبواق عبيد عند أسياد من جنسية واحدة: الفساد..
غداً.. وحدهم المتألمون حقاً، سيعبرون عن أسف شديد على هذا الـ لبنان الرائع.. الذي خرّبه أبناؤه.. أولاد الحرام!!
سيتأسّفون ويغضبون ويزعلون..
هؤلاء الأوادم، زينة البلد.. في الإعلام قلة نظيفة؟! في المجتمع قلة نظيفة.. في الوظيفة قلة نظيفة..
هؤلاء رهان البلد.. ومستقبل البلد. وضمير البلد، ولو كره الكارهون، من عواهر البلد.