المفكّر د. جود أبو صوّان.. عن البرمجة الإلهية، ويهود الشر والخير ومعرفة الله- 3

في الجزء الثالث من اللقاء المطوّل الذي أجرته “حرف عربي+” مع الباحث والمفكّر د. جود أبو صوّان، نغوص أكثر في التساؤلات.. حول تلك الثنائيات التي أوجدها الله، ونحاول “فكفكة” الحكمة- العبرة منها.. وعن الغرفة السوداء ويهودها..

..حنان

ولماذا لا يزال اليهود الصهاينة يتشدّقون بقصّة الهولوكوست، وأنهم شعب الله المختار وكل البشر دونهم؟

حين تقرأين التواراة بعمقها ستلاحظين أن يعقوب يقول: “وعند الصباح ..”، كلّها أحلام وأضغاث أحلام.. يقول إنه تصارع مع إنسان مجهول، فغلب يعقوب هذا الإنسان الذي قال له: قم عنّي، فأجاب لا أفعل حتى تعطيني عهداً بأن لا تتعدّى عليّ، سأله عن اسمه فقال: يعقوب.. قال لن يكون من بعد هذا اليوم يعقوب بل إسرائيل.. أي الذّي انتصر على الإله إيل، بالعبراني إسراء تعني المنتصر..هم يقولون شعب الله المختار!! الله لا يفاضل بين البشر بهذه الطريقة.. خلق الناس مختلفين، درجات، ليتعارفوا ويتكاملوا، ليتمّ الكون بهم،.. هذه الشابة التي تساعدنا في الأعمال المنزلية، لونها “شوكولا”، ولدت فقيرة كي تعينني في آخرتي..هذا توازن.. لو كانت تملك عقلاً ملكياً كاملاً”مش رح تخدمني” أو تخدم غيري.. شفتي التوازن الكوني. الإيمان عندي أن الله لم يخلق شيئاً عبثاً، لا صدفة في الخلق.

طبعاً.. الصدفة قانون الأغبياء..

قانون الأغبياء.. والصدفة هي برمجة لم يأتِ زمنها..

لم أفهم..

إحداثيّة لم يأتِ زمنها، لكنها ستحصل.. لم تنجح الأديان، اليهود برأيي هم صنعوا الشر، السرقة، الزنى، كلّ شيء موجود في التوراة.. المسيحيّة استقمصت الثوب اليهودي الإجرامي، وعملت جرائمها.. الإسلام لبناء دولته كذلك الأمر، ولا يزال بعض المسلمين يقومون بذلك، مثل داعش وزمرهم وأشباههم.. من يلغون الآخر ويقتلون تحت ستار إحياء الدّين.. الله حبيبي، لو أراد أن يكون البشر أمة واحدة ما الذي يمنعه؟ هو ليس بحاجة ليبشّر به “واحد من هون وواحد من هون”.. هو الله لا يبزيد إن صلّيت له، أو يكبر حجمه، هناك جملة عند الدروز تقول: “إنّ مولاكم غنيٌّ عن عبادتكم منزّهٌ عن ديانتكم، لا يزيد في ملكه طاعة من أطاعه، ولا ينقص في ملكه معصية من عصاه وإنّما أعمالكم تردُّ إليكم”..

“ومن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره”.

هذا عدل التوازن وقانونه. الشرّ مقابل الخير، هذا القانون.. الشرّ والخير متناقضان في المظهر ومتكاملان في الجوهر.. متمّمان لبعضهما البعض..

يعني وجهان لعملةٍ واحدة.

الزّميلة هلا حدّاد تطرح وتناقش:

كونك مفكّر واختصاصي في علم النفس.. ألا تحتاج النفس البشريّة برأيك إلى طاقات خارجيّة تؤمن بها، تستسلم لها، تتكون عندها طاقة إيجابية من الداخل؟؟ نحن، في ضعفنا البشري ألا نحتاج إلى ذلك؟؟ ألا نحتاج إلى استعمال الإيمان وحتى الوسطات إلى الله؟

انظري، انتِ تفسرين عمليّة الخلق وتعطينها وجهاً سلبياً.. هو خلق الكون ليتمّم نفسه بنفسه، “بيعملّو درجات”. لا يمكن الوصول إلى الوعي فجأة، لا بدّ من التدرّج، بعد جيلنا والأجيال التي تلي. بعد مئة سنة مثلاً.. ستكون الحياة متغيّرة كليّاً.. مفاهيم جديدة سوف تخلق مع الأجيال الجديدة، مثلاً من خمسين سنة لم يكن هناك كومبيوتر.. اليوم إبن إبني الصغير يعتبرني أمّياً، “بعدني عالتلفون العتيق”.. لا أعرف استعمال الحديث.. لمَ هيّأه؟ الله يهيئنا.. يهيّننا بقانون الخلق لما سيأتي إلينا.. يعني إذا طلبتِ إنتِ منّه إن تكوني فيلسوفة، “ما بيعملك فيلسوفة”.. إنت تهيّأتِ بالخلق الأول، أي يوم شاء الله الخلق من مليارات السنين.. إنتِ كنت في برنامج الخلق الأوّل..

هذا قدر يعني؟!

إيه والأجيال الآتية أيضاً.. كلنا، من الماضي إلى الحاضر الى الآتين في المستقبل، بقرار الخلق الأول, هذه الفكرة لا أحد يعطيها لكِ.

عفواً، لكن لنعد إلى النقطة التي طرحتها الزميلة هلا، كم أن الإنسان يرغب أن يكمل نقصه من خلال التقرّب إلى الله؟ حتّى بالصلاة بالرّجاء..

لم تصلين؟ لسببين.. ردّ الشر أو طلب.. وثمة سبب آخر، لمحبة الله الموجودة فيكِ.. لكن الله لا يبغضك.. الله لا يبغضك..

هلا: (تضيف) حين أسلّم كل مشاكلي وحالاتي إلى الله، وأشعر أنه معي، شريك قوي، يدفع معي إلى الأمام، فيختلف الأمر عن كوني أواجه الحياة لوحدي..

انتِ مبرمجة  في الأساس لتكوني من أبناء الخير، لهذا تسلكين تلك الطريق، بينما من اختار طريق الشر يطلب من الله أيضاً أن يوفقه بشخص غني مثلاً ليسرقه، أو ضعيف ليستغله، هذه برمجة، مفاهيم بشرية. الهنود الحمر الذين كانوا يسلخون جلدة رأس الرجل الأبيض ويعلقونها على خيمهم، بالنسبة لهم هي بطولة، أما نحن فنعتبرها جريمة، الدواعش الذين يقتلون من يختلفون معهم.. أليست هذه مفاهيمه؟ ألم توجد تلك التناقضات لإتمام الكون؟

صحيح..

السبب الثالث هو محبّة الله.. محبّة الله هي موجودة ما فيكي.. ما بيبغضك الله.

التناقضات أوجدها الله لإتمام الكون..

..وقد سمح بها، وهنا أحيلك على أحد الفلاسفة الكبار، بما معناه: “هل يعرف الله أنّ هذه الأمور ستوجد؟ لماذا أوجدها ؟” برأيي هي بإرادته، إن لم تكن كذلك فقد سمح بها والسّماح هو نوع من الإرادة. بالمقابل، أنا لا أطرح هذه الأسئلة لأنها لا تؤدي إلى نتيجة، أنا مخلوق ولا ضرورة لأعرف الحاجة من خلقي، لا أقحم نفسي في هذا الفكر الذي لا أقدر عليه. لا أسأل لماذا خلق إنسانٌ أعمى..

الزميلة هلا تردّ: أين شكّك؟ لماذا لا تشك في خلق الأعمى؟ أو غير ذلك من المعوّات الجسدية؟ لم الشك عندك في المضمون؟

لا.. لا أشكّ.. عندي اليقين أن هذا كمال الخلق، دعيني أعطيكِ مثلاً: مقابل الأعمى هناك من اخترع شيئاً مهماً..

اسمح لي أن أفكر بصوتٍ مرتفع: إن أي إعاقة جسدية أو ربما ظروف صعبة يمرّ بها الإنسان هي طريق الى العبرة؟

سيصل إلى السعادة المطلقة، أنه ثمة خالق أوجدني لغاية ما، لا أعرفها، وأيّ سؤال حول هذه الغاية سيعذّبني.. لكن الأفضل القول سبحانك ربّي على ما أعطيتني. أيّاً يكن هذا العطاء.

هلا: كأنك تقول وجد ضعف النظر لنستعين بنظارات، وضعف سمع لنستعين بجاز السمع، ومشكلة في العضل لنستعين بآلات تساعد على المشي أو الحركة..  برمجة معدّة لنا سلفاً؟ إلى أين يصل هذا الإعداد؟ في البرمجة المسبقة وصلنا إلى زمن الكومبيوتر الذي صار يبرمج أفضل وأكثر من البشر..

إعداد البرمجة المُسبق.. هذا بعدُ للأجيال الآتية..

إلى أين تُقبل الأمور؟

لا أعرف. لأنّي لا أعرف البرنامج .. تدفعيني للحديث لأنك تظنّين أعرف برنامج الخلق.. أنا لا أعرفه!! لا أعرف المشيئة من الخلق، ولا غيري يعرف ومن يدّعي يكون جاهلاً.. من زمان حدث زلزال مدمّر في مدينة اسمها “ليشبونا” تدمّرت بالكامل، 90 ألف بشري ماتوا بلحظة.. منيح؟ قامت القيامة ولم تقعد، وصاروا يتّهمون الله أنه مجرم، وغير عادل إلى ما هنالك.. “فولتير” أحد فلاسفة الثورة الفرنسيّة ردّ: ” سيأتي إلى هذا المكان أناس لا عمل لهم فقراء، رزقهم سيكون هنا، لكي يعيشوا حياتهم. هناك دائماً وجه آخر للأمور والأحداث، الشر يقابله خير والعكس صحيح.. إياكِ أن تظني لا وجه خير أو إيحابية للشر أو الإعاقة أو العاهة.. “ما بيصير”. شوفي.. لقد كوّنت فكرة: في القرى قبلاً، لم تكن البنات تتزوّجن من القرى البعيدة، حتى لا تتركن أهليهن عندما يكبرون في السن ويعجزون، اليوم “فرفطت العائلات”، وبالمقابل، وجدت شعوب فقيرة، وانفتحت المسافات على بعضها، كي تأتي بنات من عندهم لخدمة كبار السن. وأقول أيضاً، إن البنت التي بقيت عزباء ولم تتزوّج، فإن نهاية أهلها المرض والعجز، أبقاها لهم لتعينهم.. أحاول فهم الحكمة.

أسميها عبرة.. عبرة لمن اعتبر ولمن لم يعتبر..

مشكلة الطلاق التي تقع اليوم، ستتسبّب بمشاكل كبيرة في المستقبل.. عندما عدت من فرنسا (من جامعة ستارسبورغ) سنة الـ 60 بعد ها بسنوات، أتى زميل لي من إيطاليا وكان يتعلّم معنا morphopsychologie  اقترح أن نفتح مركزاً في بيروت لمنع الطلاقات المستقبليّة..

على أي أساس؟

على أساس أن نأتي بالصبية والشاب المقبلين على الزواج، وندرس نفسية كل منهما، وندرس بصمان كفّ كل منهما، ندرسها ونأخذ المعلومات من قلب البصمات، وندخل من خلالها إلى أعماق الدماغ، ونرى ماذا يخبئان لبعضهما البعض.

معلومات تظهر في الكف..

طبعاً وهذا علم صحيح. وعند انتهاء الدراسة، نكشف لكل منهما جوانب الآخر المخفية، إذا تقبّلاها، فهما لن يتطلّقا، لأن كلاً منهما عرف مكنونات الآخر.

وماذا حصل للمشروع؟

احترق المكتب ومعه تأسيس بـ 27 ألف دولار، عاد صديقي إلى إيطاليا “وراحت الفكرة”.. لكنني لا زلت أنصح أصدقائي، وقبل أن يتورطوا بالزواج، أن يعرّفونني على من اختاروا للزواج وشراكة العمر. لا خطأ في النتيجة.

قراءة خطوط الكف..

طبعاً.. لا خطأ فيها، إلا إذا حصل خطأ في الدراسة.. إذا قلت 2 ضرب 2= 6 الخطأ يكون عندي لا في الجدول.

حضرتك ألفتَ كتاباً حول هذا الموضوع..

نعم. وأعددته بطريقة ذكيّة جدّاً.. أتحدّى أي شخص أن  يقرأ فصلاً منه ويتمكّن من حفظه، اافصل الثاني يمحو الأول.. “ما بدّي الناس تشعوذ”..

بالعودة إلى كتابك “ما بين الشكّ واليقين”.. لِمَ أعددته؟

هذا الكتاب يثبت أن اليهوديّة المعمول بها، هي دين خرافي، من أوّله، مبني على الخرافات والأوهام والأحلام الرؤيوية..

يعني هو غير إلهي؟!

“ولا نتفة إلهي”.. لقد أخذت من مكتسبات بلاد ما بين النهرين وأثناء السّبي مع الفرس.. يعني عإيّام نابورزابين نصّر.. قصّة سرجون الأكادي نفس قصّة موسى.. شخصيّة موسى شخصيّة وهميّة غير موجودة في التاريخ، هي تتنافى مع ما جاء في التوراة والإنجيل والقرآن.. طيّب الرومان والأباطرة المصريين كانوا يدوّنون على الأجرّ.. لم تظهر أجرّة واحدة في مصر أيام الفراعنة، تذكر بوجود اليهود وقصّة موسى وغرق جيش الفرعون.. طيب.. يموت الفرعون وجيشه!! ولا أحد يسجل حادثة فظيعة كهذه؟ يسجلون حادثة صغيرة عن هرب خادم عبد من أرض مصريّة ودخوله الأرض الخارجة عن حدود مصر؟ لم يذكروا موت الفرعون!! ما بيذكروا قصّة يوسف وحلمه؟!! كلّها وهم .. خرافة.. هذه الخرافة بسبب ذاك الفكر اليهودي المتطوّر، اليهود أصحاب معرفة للسيطرة على الآخرين.. كيف سيطروا اليهود على العالم؟! بواسطة الخرافة الدّينيّة الخاصة بهم! أدخلوها على المسيحيّة ألبست رجال الكنيسة الأوائل.. من أوزابيوس وغيره.. وحتى لبولس.. ألبسوا الثوب الخرافي اليهودي للمسيحيين، صار المسيح هو ابن داوود من نسل داوود.. وهنا المعنى، أن أمه يهوديّة، وهو يهودي أي أن أبا داوود هو الله اليهودي.. يعني أن الله يهودي.. اقتنعت فيها الكنيسة.. مع مجيء الإسلام، رأى الخلاف في المسيحيّة، بشيعها المختلفة، دخل بينهم ليكون الأمّة الوسط بين النصارى والمسيحيّة المستحدثة واليهودية.. اضطر الإسلام أن يساير اليهود.

لكن في القرآن..

(يقاطع) هو منزل؟ ومن دون تحريف؟

….

قلت لكِ إن كلّ ما هو دون الله عندي قابل للنقاش.. “الله إذا ما سامحلي إحكي ما بحكي.. بيخرّسني بيعملّي جلطة بدماغي” وأسكت.. أقول كلّ ما يجري على هذه البسيطة هو بوحي أو بأمر أو ببرمجةٍ من الله.

حسناً.. إذن هناك أكثر 1.600.000مسلم؟ وما يزيد عن 2.200.000 مسيحي وفول المليار هندوسي، ونصف مليون بوذي.. “وكم” مليون يهودي.. لمَ تستمرّ تلك الأعداد تموج خلف أفكار ومعتقدات ذاتها.. وأساس الخليقة منذ 100 ألف سنة مثلاً.. هو غير مسجّل أو مسجّل ولا أحد يحكي في غير تلك التي تموج؟؟

لا تاريخ موثق لها.. لمَ سجّل هؤلاء اليهود؟ ليسيطروا ععلى العالم بأفكارهم..

معنى ذلك أنهم تلك الغرفة السوداء؟

هم الغرفة السوداء، العارفون ماذا يريدون للمستقبل.. أو أنهم ركّبوا تعاليمهم وكتبهم في رأسك..

إذن.. حسب معادلة وصراع الشرّ والخير، هم الشرّ..

ليسوا كلهم، انتبهي.. هناك منهم من لديه فكر إنساني.. لستُ عنصرياً.. إذا قال اليهود إن الله خلق الناس سواسية، لا مشكلة فكرية وإنسانية لي معهم. ثمّ أسأل: ما هي الحياة ؟ هي أمر الله في المخلوقات، أن يكونوا وغيرهم شركائي في الأمر، ولا أكون عبداً مسخّراً لهم ولفوقيتهم،عندها لا أكون ضدّهم، يحق لهم العيش والزواج وأن تكون لهم دولة.

اليوم تطغى “ثقافة” أبطروا بطون نساؤهم..

صحيح.. و”لن أترك لهم بائلاً في حائط وسأزرع أرضهم بالملح”.

(ويتوجّه إلى الزميلة هلا:) هل سمعتِ بالمزامير؟

هلا: طبعاً..

ما  رأيك أنه في أحد المزامير يقول: طوبى لمن يمسك أطفالك يا بابل ويهشّم على الصخرة رؤوسهم؟.. هذه صلاة؟ ما  رأيك؟

هلا: حين أسأل وأناقش بعض الكهنة في هذا الموضوع، يقولون لي كلّها رمزيّة..

يفكّلي الرّمز تبعها.. أنا حمار ما بعرف وانتَ عم تقلّي رمز.. علّمني هالرّمز!!

لا: لكن هناك مزمور مقابله.. “ارحمني يا الله كعظيم رحمتك”..

“ليش بدّو يرحمني؟” هل لأنّي مذنب!! إله داوود الذي أوحى له؟ وقد رأى زوجة قائده وهي تستحمّ، سأل عنها، فقيل له إنها بثشبع زوجة أوريا، فأمر بإرساله إلى جبهة الحرب ليقتل، بثشبع أنجبت من داوود سليمان.. سليمان ابن زنا إذن! أجداد المسيح زناة!! هذه المعلومات وضعتها في كتابي الأخير. (ما بين الشك واليقين)

..يتبع

التعليقات