وفي هذا الجزء الرابع والأخير من اللقاء مع المفكّر د. جود أبو صوان، حول كتابه الجديد “ما بين الشك واليقين”، أسئلة أكثر وإجابات أعمق وإثارة للجدل.. المطلوب فيها فقط: التفكّر – فإنه و عبر السؤال الحرّ- وقد يكون حاملاً لشك- نصل إلى اليقين
في هذا الجزء من الحوار المطّوّل مع مضيفنا د. أبو صوّان، في دارته الهانئة في صغبين الجميلة، لم تشارك الإعلامية هلا حداد في بعضٍ منه فقط.. بل شاكست كثيراً..
حنان..
وأسأله: مولود غير مخلوق..
مين؟!
يسوع..
مولود وقد وُلِدَ بأمر من خالقه.. لا ولادة تتمّ من دون الله. مولود غير مخلوق، المخلوق لا يحتاج أماً، ولا عذراء تحمل به.. لمَ لا نناقش بالمنطق!؟
كيف يعني، لم أفهم؟
الله مخلوق أو مولود؟
الله خالق..
خالق.. وكلّ البشريّة ماذا؟ مخلوقة.. إذن يسوع لم يعد إلهاً.. الإله لا يولد..
هلا: اسمح لي أن أنقل إليك كلاماً جميلاً سمعته مرة ويقول إن ربنا أعطى البشريّة أمّاً من خلال أمومتها ليسوع…
طيّب..” اسمعي لقلّك”: في الانجيل جملة تقول: “من أحبّ أباً او أمّاً أو أخاً أو أختاً لن يكون من تلاميذه”..
أليس لهذه الجملة تفسير أن حبهم من خلال كلمة الله!!
هذا تفسير ديني.. بالنسبة لي أن المسيح لم يحكِ لفلاسفة، بل للفقراء والمزارعين وصيادي السمك.. هذا اجتهاد رجال الدّين ليحافظوا على مواقعهم وسلطتهم على الناس، يبرّرون ويجتهدون.. يقولون إن الشيعة يكثرون من الفتاوى والاجتهادات في الدين؟ رجال الدين المسيحيون أكثر منهم بكثير.. أنا قلت لك.. لست مسيحياً ولا شيعياً ولا تابع لأي دين آخر. أنا أتبع تعاليم يسوع في حياتي اليومية، وكذلك عليّ (الإمام علي ابن أبي طالب) الذي لم يميّز بين إنسان وإنسان واعتبر الناس سواسية.
سأحاول المرور على فصول كتابك (ما بين الشك واليقين) من خلال الجمل التي تقدّم فيها لكلّ فصل، وتحت عنوان الله والإنسان كتبت: “الدين لعقٌ تدور به ألسن الناس.. ما درّت به معايشهم.. ما مضمون هذا الفصل؟
هذا القول للحسين بن علي، ومنذ أكثر من 1400 سنة: الدين لعقٌ، أي مثل حبّة البونبون، “حاطتيها بتمّك وبتحركيها وبتعطيكي طعم الحلاوة”.. الدين أصبح وسيلة للإستغلال، هذا هو.. “شفتي هالسموّ الفكري”!! من يتجرّأ على قول هذا الكلام؟ قاله الحسين بن علي، وليس شخصاً عادياً.
ما موقفك من الحسين بن علي؟
الحسين بن علي هو أراد الشهادة ولم تفرض عليه.. كان بإمكانه ألّا يقاتل، تركه الجميع لكن تعلّقه بالدين.. والدين يسمو بالشهادة، هو اختارها.
الدين الذي تنتقده وتقول إن فيه جزء توراتي وتغلغل إسرائيليّات، صحّ؟
سأعطيكِ مثلاً من عند علي لا تمييز بين أتباعه يهوداً ونصارى ومسلمين، من خلال رسالته التي أعدّها لمالك الأشتر، (كان من أصحاب الإمام علي بن أبي طالب، محارباً شجاعاً ومطيعاً طاعة تامة للإمام، وأميناً على رسالة آل البيت).. في الرسالة –يتابع د. أبو صوّأن- حين ذهب الى مصر، قال له: “اتّقِ الله من نفسك وعامل الناس كأحد اثنين.. إمّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق”، نظيرٌ-مساوٍ لك.. لم يدعُ علي لقتل المسيحي والاستيلاء على أمواله.. “ما عملها علي”.. في التاريخ البشري الناس لا تقرأ.. صلاح الدين كان مستشاره الأعلى ممونيديس، موسى ابن ميمون اليهودي الأكبر الذي حرّضه على تدمير القدس، هوّي قرباتي يهودي.. صلاح الدين مش عربي .. صلاح الدين قرباتي .. شو قرباتي؟ من النّوَر.. فليدرسوا تاريخ..
في فصل آخر من الكتاب تقول نقلاً عن نيرادا وتحت عنوان خلق الإنسان: “لا تلفظ هذه الكلمات.. أنا لا أعرف هذا، فإنّ هذه الفكرة التي أجهلها خاطئة وغير صحيحة، يا بنيّ على المرء أن يتعلّم كي يعرف ويعرف كي يفهم ويفهم كي يكوّن رأياً ويعطي حكماً صائباً..”.
هي درس للتعليم.. نيرادا كان أحد فلاسفة الهند وعلّم الأجيال.. ولا بدّ من قراءة الفصل كلّه ليعرف القارىء المضمون، لكن سأوضح من خلال مثال عن الفيلسوف الصيني العظيم لاوتسو، وهو لم يكن يكتب بل كان يعلّم الرّهبان تلاميذه بالتأمل، من مبدأ أنهم يرون، يحلّلون بالعقل ويدرسون ثم يكوّنون رأياً.. ذات يوم حار، كان نيرادا ماراً في غابة وتلاميذه خلفه، لاحظ عقرباً يكاد يغرق في بركة مياه، انحنى لإنقاذه ورفعه بيديه ليضعه على اليابسة، إلا أن العقرب لدغه.. مصّ لاوتسو السم ثم بصقه وأكمل طريقه، كان تلاميذه يراقبون ما جرى.. في المرة الثانية حصل الأمر نفسه، رفع المعلّم العقرب بيديه من الماء لإنقاذه، لدغه العقرب، فمصّ السم ثم بصقه وأكمل طريقه.. وفي المرة الثالثة حصل الأمر ذاته.. والتلاميذ يراقبون بصمت، فالحديث ممنوع والتلعلّم بالتأمل.. إلا أن تلميذاً “أهوجاً” من التلاميذ لم يستطع عدم التعليق على ما جرى.. سأل لاوتسو: لاوتسو العظيم يلدغه العقرب ثلاثاً ولا يرتدع!! فنظر إليه لاوتسو وقال: أيّها الرّاهب الأحمق.. لاوتسو يقوم بواجبه والعقرب يقوم بواجباته.. واجبي أن أنقذه وواجبه أن يلدغني.. هذا توازن. أي كلام أو رأي أو حكم يمكن أن يُعطى هنا؟ اسمعي وحلّلي وميّزي ثم أعطِ حكماً.. يعني حين تملكين المعرفة بالملاحظة والسمع والتحليل، حينها يمكن أن تعطي حكماً..هذا درس من نيرادا.
عظيم.. في أحد فصول الكتاب ما هو أخطر، ونقلته عن المفكر كمال جنبلاط تحت عنوان “الخرافة في إنتاج الفكر الديني” إذ تورد: “الحقيقة كالدّواء لا تجرّعها للناس دفعة واحدة.. لكي لا تقتلهم”.. كنت تعرف كمال جنبلاط شخصياً؟
نعم، عرفته شخصياً وقد علّمني في الجامعة.. كنت جريئاً وأحكي بجرأة. أحبني وميّزني عن كلّ التلاميذ.. وصرت ألتقي به، حين كان عمري 20 سنة، وما قبل وما بعد. كان يجدني جريئاً جداً، فوق الحدّ.. قال لي مرة: يا عزيزي جود الحقيقة متل الدواء لا تجرّعها للناس دفعة واحدة تقتلهم.. قال لي أنت تقتلهم، لكنني لم استطع تغيير طبعي.
وتسأل هلا: هذا الكتاب أليس قتلاً؟
لا ليس قتلاً بل هو توجيه. أوجّهك إن قبلتِ خذي ما فيه، وإن لم تقبلي لا تأخذي، المعادلة بسيطة. ثم أنتِ تجيبين.. بينما أنا لم أجب في الكتاب بل طرحت أسئلة.
حنان: ما هو الفكر الدّيني؟! والخرافة في انتاجه.. وأعود إلى سؤالي حول مليارات البشر الذين يتبعون ديانات ذلك الفكر؟!
كلّ الأديان فيها خرافة.. العقل البشري في جزء منه أخذه من أعماقه قبل أن يولد.. في اللاوعي، المعرفة من أين جاءت إلى الإنسان، من عالم الخلق .. من برنامج الخلق الأوّل ..
تقصد أنه في مكان ما في الدماغ، هناك محفوظات؟
في الجينة الأولى التي جاءت مبرمجة بمحفوظات، لكنها تتطلّب وقتاً لتعبّر عنها، تأخذها بالتدرّج.
لحظة! محفوظات صحيحة؟؟
صحيحة.. كلنا بعناية إلهيّة لإكمال الكون.
عظيم إذن، هذه المعلومات التي دخلت الى البرمجة، ثمة ما يشوّش عليها..
لا شيء خطأ دون أن يعطي ثواب.. “بعدنا عم نحكي”، يجب أن تخطئي كي تعملي الصواب..
بمعنى آخر، أن ربنا ترك لنا مهمّة البحث، لنعرف ما هو موجود في الجينة الأولى؟
يجب أن تمشي حسب البرنامج المهيأ لك. لا يمكنك أن تغيّري.. نحن مبرمجون، مثل القطار على السكة الحديد.. لا يمكنه أن يخرج عنها.. هناك مهندس أعظم، سمّه ما شئتِ..
أريد بل أحب أن أسمّيه “الله”..
نحن نسمّيه الله، آخرون يسمونه Dieu.. كلّ يسمّيه حسب مفهومه..
وأنت..
أنا أقول هو الخالق .. لا اسم له عندي.. لأنّي إذا سميّتك حنان حدّدتك بالشكل وبالهيئة وعملت لّك إطاراً زمنياً ومكانياً.. الله لا زمان له ولا مكان.. هو الخالق، الخالق لا اسم له ولا مفهوم ولا حدّ، لكننا تعوّدنا أن نقول “الله” يعني تعوّدنا بخيالنا، لا يمكننا تجسيده أو تجسيمه، أو نضعه في مكان.. في القرآن مثلاً، هناك آيات جسّمته: “وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ”.. هل يعني أنه يقعد؟!
حنان: لا.. لكن في التفسيرات الإسلامية، سنية كانت أم شيعية، هذا ليس تجسيم أو تحديد، هو أشمل من ذلك، أن الله موجود في كل مكان وزمان، خالق غير مخلوق، لا شكل ولا هيئة ولا طول ولا عرض.. هو الكل في الكل..
قلت لكِ، هو خالق الأكوان كلّها، مالئها وفائضٌ عنها.. هذا أوسع تعريف..
حنان: تتحدّث في أحد الفصول عن المسح في الأسطورة والممارسة.. المسح له علاقة بالمسيح؟ بصفة المسيح؟
بل في التعريف عند اليهود من هو المسيح..
هلا: كانوا يمسحون الملوك..
ليس كل الملوك، فقط من يخدم إسرائيل منهم.. من أُعدّ لخدمة إسرائيل.. مثلاً الله قال لشاوول إذهب وامسح صاموئيل.. “طلع صاموئيل ملك سيء”.. فندم الله!! هل الله يندم؟؟ هل يخطىء؟؟!
“إنّ الجاهل يكذب دائماً، لكنّ الحقيقة ستدرك وإن تأخّرت”..
المقصود بذلك هم اليهود الذين كذّبوا على مدار التاريخ، منذ ألفي سنة وأكثر.. التوراة كتبت في القرن الأوّل المسيحي.. كذّبوا.. ولا أعتقد أن غيري تجرأ أن يقول هذا الكلام. “عمري 80 سنة وبدّي موت”، هل أموت بالسرطان أفضل أم من الألم أم بحادث؟ “يا ستّي شو بدّن يعملوا فيّ يعملوا”!! لا أفكر بما سيحصل في الغد، ولا يهمني ما سيجري.. “بدّك أكتر” من أنني قلت لحفيدي الذي يدرس الطب أن يأخذوا جثتي ويشرحوها وياخذوا منها ما يلزمهم وأن يحرقوا الباقي أو يرموه، “ما بيعود يهمني”.. لا أريد أن يأتي خوري ويُجري لي مراسم دفن، لا أريد..
ماذا تريد إذن؟
أريد أن يأتي صديق لي ويقول إنني كنت “صاحب صريح وحرّ وآدمي” أم لا.. أن يأتي ابني ويقول إنني كنت أباً صالحاً أم لا.. أن تقول زوجتي إنني كنت زوجاً صالحاً أم لا. لا أريد شيئاً آخر، هذه قناعتي، وقد كتبت ذلك في وصيتي، ولست خائفاً.. أنا أكررها دوماً لست مسيحياً ولا مسلماً.. أنا أومن بالله فقط.. من دون أديان، ولا كنائس، ولا جوامع، ولا خلوات.. الإيمان يوحّد البشريّة أمّا الأديان فتفرّق..
مع أنه يجري السعي حالياً للتوحيد بين الأديان..
لا تصدقي ذلك!! لا يتوحّدون، يكذبون ليحموا بعضهم، ليوسعوا شبكتهم..
في أحد الفصول وتحت عنوان: المسيح والنبوءات التي سبقته، تنقل عن فولتير: “إكذبوا.. إكذبوا فبعد زمن تصبح الكذبة الأولى واقعاً.. تعيشه الأجيال اللاّحقة كحقيقة يصعب تكذيبها”..
“كلّ يلّي عم يجي كناية عن كذبة ومصدقينها”..
حضرتك تصرّ دوماً على وضع حقائق من التاريخ؟
بل حقائق ودعم من التوراة والإنجيل.. وليس من عندي، أنا لا أتجرّأ على تأليف كتاب متل هذا لو لم أكن متمكناً.
من هو كريستنا؟!
هو مسيح الهنود، ولد بالطريقة ذاتها، من غير أب ومن أم عذراء.. أخذتها المسيحيّة عنها.. حتّى الإسم أخدته عنها “كريستنا”.. “الكريست هو المسيح تبعنا”..
في كتبك، وخصوصاً كتاب “ما بين الشكّ واليقين” تحث الناس على أن يفكّروا..
“إيه” أنا أجبرهم، أقول لهم فكروا، اقرأوا عن وعي.. “بدّك أكتر من الصلاة الرّبانيّة عند المسيحيّة”.. سألت الكثيرين، كيف تفسّرون؟ لا أحد يفسّر معانيها.. (ويتوجّه إلى الزميلة هلا حداد): “أنت ماذا وجدتِ؟”
هلا: أنا مع “لتكن مشيئتك” وأستعين بالله أن لا يدخلنا في التجربة..
تقولين له لا تدخلنا بالتجربة، وأيضاً أعطنا خبزنا.. سلّمتِه أمران.. صحّ؟!
ألم تسلّمه أنت؟؟
أنا لا أطلب! قولي له: “أبانا الذّي في السموات ليتقدّس اسمك، لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك على الأرض.. انتهينا. هذا كلّ شي..
كل شيء؟
ألم تقولي له سلمتك أمري؟ لماذا تذكّريه به؟!
هو نوع من التذلّل للخالق..
هذا اتهام له بالضعف..
كيف؟
ألم أخبرك قصة زوجة أحد الأطباء من معارفي، وهي للصراحة مدّعية على اعتبار أنها زوجة طبيب “ولازم تفهم”.. قالت لي أولادك ألا يطلبون منك؟ قلت لها يا مدام أتشبّهين الناقص بالكامل؟ المخلوق ناقص.. الخالق كامل .. برأيي إن القيامة حسبما ما أوردتها تلك الكتب وما بعدها، مجموعة من الخرافات والأقاصيص والرّوايات الوهميّة التي تدور حول الماورائيّات.. والهدف منها سيطرة كتّابها ومروّجيها على عقول الناس البسطاء.. كذلك، في الكتاب أشرت حتى إلى عملية الصلب كيف تمّت، وما فيها من كذب..
تتفق مع النص القرآني يعني؟
اسمعي.. وضعوه على الصليب ومجموعة حوله.. للمعلومات، كان يسوع قد درس عند الآثينيين الذين كانوا يعلّمون الطبّ والجراحة وكلّ شيء، تعلّم عندهم حين هرب من أهله وهو ابن 12 سنة وعاد إلى أهله من دير للآباء الأثينيين، الآباء البيض هم في جبل كارميليت، رجع يسوع ومعه معلومات.. غاب من 12 سنة إلى 23 سنة..
32؟ لا وليس 33؟؟!
لا.. لا.. ذكرت أنه مات في سن الـ 23. لقد أخطأت الكنيسة بـ10 سنين وقد شرحتُ ذلك.. المسيح ليس زمن هيرودوس، بل في زمن كيرينيوس..
ودليلك؟
في الإنجيل وردت جملة تقول: “وصدر أمرٌ من أغسطس قيصر لتكتتب كلّ المسكونة وهذا الإكتتاب الأوّل جرى حين كان كان كيرينيوس والياً على سوريا”.. كيرينيوس وليس هيرودوس.. اليهود كتبوا، متّى كتب.. المجرم متّى..
مجرم؟
أسمّيه مجرماً، لأنّه يهودي، يريد تذكير الناس بالمجزرة التي ارتكبها تيتوس بحقّ الأولاد حين قتلهم.. و”عمل” أن المجزرة تمّت على أيام هيرودوس لا كيرينيوس. ثم أن الكهنة المجوس لم يأتوا من إيران- بلاد فارس حينها.. بل من أوروشليم التي كان كاهنها- حاكمها مجوسي- زرذشتي اسمه ملكي صادق.. في الكتاب ستقرأون ما “يقلب عقلكم”..
لنعد إلى الصلب..
لقد حوكم يسوع وصلب.. وقد تحدّثت مع مطران جاء إلى عندي إلى هنا، وسألته: لمّا قام المسيح من القبر لماذا كان يمشي ليلاً؟ لِمَ لم يظهر إلا على تلاميذه؟ لماذا لم يتوجه إلى توما ويريه يديه؟ لِمَ لم يتوجه إلى مباشرة إلى الولاية حيث حاكموه قائلاً: أنا هو الذّي صلبتموه وها أنا قد قمت من الموت.. كانوا ركعوا أرضاً تحت رجليه أم لا؟ لم يقل يجب المطران على أسئلتي.. بل قال البابا..
تردّ هلا: كان مبرمجاً..
هوّ مبرمج.. لكن أن يتخفّى في الليل؟ في الإنجيل هذا ما كتبوه، لكن ذلك لم يحصل.. المسيح لم يمت على الصليب.
حنان: كيف مات؟؟
كي يموت كان كان عليهم كسر رجليه، “ضربوه بالهون”، فسال دمّ وماء.. “لو ميّت ما بينزل دم وميّ”.. المسيح سُقي مع الخلّ مادّة مرّة، اسمها الميرت بالفرنسية. هذه المادّة استقصيت عنها، هي تُحدث انخفاضاً بالضغط الدموي وفي ضربات القلب بمعني أن الشخص يبدو كأنه ميت. هذا المادة تخدم في الجسم 12 ساعة.. إذن، حين وضعوه في القبر.. طيب من وضعه في القبر؟
تردّ هلا: يوسف.
يوسف.. الذّي هو من الرّاما، وفي الأناجيل يوسف لم يُذكر إلاّ “ساعتا”. حضر هذا الرجل أخذه من البرنامج، من المجموعة التي برمجته كلّها، دفنه وحده، ودحرج الصخرة عليه وحده، ثم من حمل الضريح؟ سمعان القرواني ويوسف وضعا ثيابه بالقرب منه، و”لما وعي شال الكفن لبس تيابه ومشي وفلّ”.. لماذا يوسف الرامي وسمعان القرواني؟ لأنهما من غير اليهود.. اليهودي لا يحمل صليباً ولا يقرب قبراً لأنه “بيتنجّس”..
حنان: قلت إنه فلّ.. إلى أين؟!
“راح عالهند.. عاش وراح عالهند بمدينة اسمها ” سيرينغدار”.
حنان: ما الذي يوثّق ذلك؟!
هناك وثائق موجودة في الهند- التيبيت، عاش 135 سنة.. عنده قبر في هذه المدينة اسمه قبر “إيسوس”: قبر يسوع، هذه المعلومات ليست من عندي، نقّبت عنها وبحثت ووضعتها في الكتاب.
هلا: كيف عاش في الهند؟ كإله؟ كإنسان؟ هل تزوّج.. أنجب؟؟
عاش كإنسان.. يسوع ليس إلهاً!!
حنان: لا هوّ كمعلّم أو راهب ورجل صاحب رسالة لا يتزوج وفق هذه الرواية هو يتبتّل..
“ليكي لو كان إلهاً.. هل يوجد سلطة بشريّه على الإله”؟!
هلا: قال لبيلاطس: لم تكن لتخذ قراراً بصلبي لو عندك سلطة.. السلطة جاءتك من فوق إن تسمح بصلبي..
أوّلاً، لم يكتب يسوع شيئاً عن نفسه، هم كتبواعنه، بعد 45 سنة كان أول إنجيل وقد لفّقوا ما أرادوا. في الكتاب شرحت ظروف الأناجيل. المسيح لم يدوّن، من كانوا معه كانوا جهلة، لا يعرفون الكتابة، كانوا صيادي سمك.. وحده يوحنا.
هلا: ولوقا .. كتب لاحقاً..
لوقا لم يكن تلميذ!! بعد كم سنة؟ بعد 57 سنة.. لوقا كان طبيباً ولا علاقة بحياة المسيح، لعله لم يره، ولم يعش كثيراً، مات في الـ 57 من العمر. كان رفيقاً لبولس، كتب عن باقي الرّسل وكتب عن بولس الرسائل. يوحنا الآخر، الذي كان معه عند الصلب، قالوا إن ذاك إنجيله، هو لم يكتبه، تقرأين تعرفين: ” فأخذها التّلميذ إلى..” لو هو كتب كان قال فأخذتُها.. مزبوط؟؟!!
حنان تسأل: “فأخذتُها”.. من قصد ؟؟
هلا: مريم العذراء.
(يتابع) قال هو الوحيد الذي كان حين حاكموه: “وراحت مريم وأخت مريم زوجة كلوبا.. مريم لم يكن عندها أخت.. صح؟؟
هلا: لها تفسيرها.. لحظة.. لحظة!! لها تفسيرها حين قال إخوتك في الخارج.. قصد إخوة يسوع في الإنسانية..
لا.. لم يقل ذلك، بل قال أنتم إخوتي وكذا.. رجال الدّين يكذبون ويدافعون عن مواقعهم.. يقول لك مريم وأخت مريم زوجة كلوبا.. إنه حدّدها.
حنان: في كتابك: إنّ الله يراقب عمل، لكنّه لا يتدخّل فيه.. وتنشر أقوال للمسيح.
“هاه هااااااه”.. أنا أؤمن بها، إنها الكلمات الكونية، وهنا عظمة يسوع.. إذا تدخّل الله معنى ذلك أنه “غلطان”.. صح! الله لا يصحّح؛ لأنه لا يرتكب خطأ. هذا ما أريد التأكيد عليه. هو الكلمات.. كل هذه الكلمات ليسوع الناصري، أما آن لنا أن نفهم.. أما آن لنا أن نعي.. (ويقرأ من الكتاب: “أيّها الغيارى على قدسيّة الكتب، إقرأوا التوراة بوعيٍ.. وأشيروا إلينا أين هي أوجه القداسة فيها.. لعلّنا نحن جهلةٌ لم لن نفهم ما قرأناه فيها فتهدونا إلى الصراط المستقيم.. وتكون لكم شفاعة وأجر هدايتنا.. وأنّي بهؤلاء الكتبة وما تلاهم من أحبار.. عبر العصور لم يكونوا مقتنعين بما كان يسمعونه.. فدسّوا أفكارهم في تعاليم يسوع.. لتأخذ صور التقديس والإحترام، فهل مارس هؤلاء تلك المفاهيم ؟؟ خاصةً اليوم في بداية القرن الواحد والعشرين وشيئاً ممّا قالوه.. ألم يتمعّنوا ممّا ورد في إنجيل لوقا.. كلّ واحدٍ منكم لا يترك جميع أمواله.. لا يقدر أن يكون لي تلميذاً..”
هلا: أوافقك الرأي ولكن..
هنا الثورة، لو كانوا يؤمنون بالوصيّة، لبطل السلك الكهنوتي ولندر المتشوّقون ليكونوا كهنة.. فالكهنوتُ كان تعفّفاً ورسالةً ودعوةً روحانيّةً، وأصبح اليوم وظيفةً تستدرّ الثروات والجاه والعظمة، وقد صدق قول فولتير، فيلسوف الثورة الفرنسيّة حين قال إن كثرة رجال الدين والشحاذين في الشوارع، من مظاهر التخلّف والتفكّك الإجتماعي.
هلا: يسوع قال هذا الكلام أيضاً، وقال غيره لكنك د. جود أبو صوّان إنتقائي.. اخترت الكلام الكوني مما..
(مقاطعاً) لا لا.. هو جاء ليقول: هل توضع الخمرة الجديدة في الزقاق القديم؟ وهل يُرقع الثوب الجديد بالرّقعة القديمة؟ لكن ماذا وضعوا قبالتها كي يمحوها له: ما جئت لأنقض بل لأكمّل.. في كتابي قلت لكبار رجال الدين المسيحي: أما قرأتم ما أوصاكم به يسوع حول مأكلكم ومشربكم وملبسكم.. وتصرّفكم وسلوككم واستكباركم واكتنازكم الأموال والذهب والأملاك، حتّى أصبحتم تجّار هياكل أنانيّتكم، وطموحاتكم الدّنيويّة، متخلّين عن روحانيّة مواقعكم، فتستغلّون المؤمنين ابتداءاً من لحظة ولادتهم وما قبلها وفي كلّ لحظةٍ من حياتهم وما بعد موتهم.. بالمدارس وبالجامعات والمستشفيات ودور رعاية المسنّين والمراكز الصحيّة والإجتماعيّة، حتّى إنّ المواخير والمراقص والبارات والمسابح والملاهي.. باتت جميعها تحمل أسماء قدّيسين.. ثم اسمعي ماذا أقول للبابا: وأنت أيّها الحبر القدّيس البابا فرنسيس، أعانك الله على تجّار الهياكل وحفظك منهم..
هلا: معك حق.. خصوصاً وأن بعض هؤلاء يعتبرون أن البابا فرانسيس، يخطىء في تقربه إلى الناس والنزول للمشي معهم، يحاولون هزّ الصورة..
المسيح كان يمشي مع الناس أم لا؟ كان يلبس مشّاية ولم يغيّرها “ما عندو مشّايتين”.. أريد صورة يسوع لا صورة المسيح..
حنان: سؤال .. أنت تقول بعدم ربوبيّة المسيح؟
..عامل فقرة كاملة عن أقوال يسوع ومعتبرها كلمات كونيّة.. وبتبلّشها إن الله يراقب عمل قوانينه ولكنّه لا يتدخّل فيها.. يسوع الناصري وضع هذه القوانين.. أليس قريباً إلى قوانين الله؟ قوانين تسمو بالإنسان إلى الطوباويّة.. ترفع الإنسان من إنسانيّته إلى الطوباويّة..
حنان: ما الطوباويّة؟؟
يعني القريب من الألوهة. يسوع هو المعلّم، ومن غير المفروض أن يكون طوباوياً أحياناً، قد لا يتمكن من تطبيق ما علّمه.
ماذا تتوقّع لكتابك؟؟
“بدّو يعمل ثورة فكريّة” عند المتجرّئين على القراءة.. قلّة ستقرأ كتابي..
حنان: سيقرأه كثر ولكن قد لا يناقشونه، ربما بسبب الخوف
في كتابي وضعت جملاً أعنيها بقوة: أنا لا أعرف.. ولا أريد أن أعرف لئلا أعترف.. هناك أناس يقولون أنا أعرف ولا أريد أن أعترف.. “اصطفلوا انتو”: أنا لا أجيب عن هذه التساؤلات، بل أضع الاسئلة، وهي تتضمّن معنى الشكّ، قد تصبح ما بين الشكّ واليقين.. المواطن القارىء الجريء، فليحاول إيجاد الأجوبة.. يقرأ ويجيب. (ويتقصّد الحديث عن الزميلة هلا حداد بحضورها): أعرف هلا، لديها روح طاهرة، ونقاء نفسي، فلتجب هي عن هذه الأسئلة، لا أجيب عنها، أقول لها.. إقرأي وأجيبي.. أنا أدلّها فقط..
هلا: ألا ترى أنه أحياناً، من شدة إيماني، قد أرسم ديناً خاصاً بي..
“اعملي”.. أنا لست داعية دينياً.. ولا عندي حزب ولا مجموعة.. “بخار في رأسي وكتبته”..
هلا: (تضحك) “حلووو.. هيدا عنوان”..
اصطفلي!! أنا مرتاح مع هذا الفكر، إذا ارتحتِ له تبنّيه، وإلا “خلّيكي عا فكرك”.. كلنا.. أنا وأنتما وأولادي وأحفادي، كل الناس.. نحن شركاء في أمر الحياة الأولي. أنا لا أرفض من يرفضني.. المسيحيون رفضوا غيرهم.. والمسلمون رفضوا غيرهم، وقبلهم اليهود. أليس مكتوباً في الإنجيل: ومن لم يعتمد يإسم الأب والإبن والرّوح القدس، لن يرى ملكوت السّموات.. “ولك شو هالكفر!!” كلّ هالبشريّة التي كانت قبل المسيح وبعده المسيح إلى جهنّم؟؟
وبعض المسلمين أيضاً كفّروا غيرهم.. الكتاب غير موجود في المكتبات.. أين يجده من يرغب بل من يجرؤ؟
يطلب من صاحبه.. (على الرقم المنشور مع الحوار في كافة أجزائه)
وبعد.. يبقى أن يترك حديثه أسئلة في “مخك” تدور وتدور.. تمرّرك بشك رهيب.. علّها تصل بك إلى برّ اليقين..