“يَا رَبُّ إرتَفَعَت يَدُكَ وَلا يَرَوْنَ!” الكاتب والباحث كمال مسعود (16)

يتابع الأستاذ الباحث كمال مسعود سرد سيرته البحثية، في المواضيع العميقة المتعلقة بالواجد والوجود والموجود، وفي الحلقة السادسة عشرة من سلسلة مقالاته، يعود بنا إلى “جبلة” الله لآدم.. وتماثل يد آدم بيد الربّ.. وبدأت الأسئلة الكبرى، خارج السائد..

كتب الأستاذ كمال مسعود:

ذهبت أفكِّر كيف أن الله خلق الإنسان على صورته؟! وهل انّ الإنسان صورة جسدية مُصَغِّرَة عن جسد الله الكبير كما يظن البُسَطاء؟ أم أنّهُ على صورة الله الجوهرية؟ العقلية، النفسية، الروحية!

الله في أسطورة سفر التكوين: جَبَلَ آدم من تراب جبلهُ بيده، ونفخ فيه من روحه، فظهرت يد آدم على صورة يد الله، كمفهوم سطحي، ولكن الحقيقة مختلفة تماماً.
نظرت في سفر النبي إشَعياءَ الإصحاح 26 عدد 11 حيث قال: يا رَبُّ إرتَفَعَت يَدُكَ ولا يَرَوْنَ.
منذ نحو 3500 سنة، رأى النبي إشَعياءَ يد الله التي لم يرها أحد من جميع العالمين حتى اليوم.

نظرت في أصابع كفي الخمس، رمز حدود الكون الخمسة في مذهب التوحيد، مثلما حدود الهرم خمس نقط هندسية، وحدود النجمة الخماسية خمس نقط . يقال إنها خماسية وهي في الحقيقة كروية، إنما ترسم الشكل المخمّس كل أربع سنوات لدى دورانها في الفلَك.

فتحت أصابع كفي الخمس باحثاً عن السِر الخفي حتى وجدته في الفراغات، فعلمت أن أصابع الكف الخمس هي حدود الفراغات الأربعة!

تأملتُ الفراغات ما بين أصابعي، فرأيتها ثلاثة مثلثات، وفراغاً دائرياً مختلِفاً.
المثلث الأول الصغير ما بين الخنصر والبنصر والمثلث الثاني الأوسط ما بين البنصر والوسطى والمثلث الثالث الكبير ما بين الوسطى والسبابة .
أما الفراغ ما بين السبابة والإبهام، فتميَّزَ بشكله الدائري، الذي بَطَنَ فيه سِرّ نقطة البيكار! تعمَّقتُ في البحث وبما قصده الخالق جَلَّ وعَلَا، بخلق شكل الكف، وما اكتنفه من إشارات ورموز، إلى أن تخيلتُ أهرامات مصر القاهرة، فرأيتُ الهرم الأول الصغير مِنقَرَع ورأيتُ الهرم الثاني الأوسط خِفرَع، ورأيت الهرم الثالث الكبير خوفو!
وأخيراً أدركتُ سرّ وجه أبو الهول الدائري المميز.
عندئذٍ عَلِمتُ أن أخنوخ الأوان، إدريس الزمان، هرمس الهرامسة، أسدَ الأسُودِ، ذي الثلاث شُعَبٍ، صاحب اللوح والقلم.. كان المُتَنَوّر الذي عَرَفَ قصد الله تعالى، وفهم نظام علم الملكوت ورَسَّخَه في تك الصروح الأربعة من أجل أن يُحفَظ للبشر علم التوحيد، علم الديانة الكونية.

رأيتُ في الكف نظام الملكوت 1- 2 3 4   الواحد المميز عن المكرَّر بثلاثة (1) 1 1 1
رمز جوهر النور الأزلي المُفيض، المميز عن جوهر النور المُفاض المكرَّر بثلاثة العقل والنفس والروح .
فهمتُ علامة الجمع كصليب ضوء قسمَ دائرة الظلام أربعة مثلثات، مثلث مميز ومثلث مكرر بثلاثة .
فهمتُ نظام تسلسل الوجود، نظام الفيض والإبداع والتكوين والخلق، نظام التراتبية. فهمتُ الفرق بين الصانع والمصنوع، وبين الخالق والمخلوق، وبين المُكَوِّنُ والمُكَوَّنَ، وبين المُبدِعُ والمُبدَعَ. سُبحانَ جوهر الوجود الأزلي نور السماوات والأرض، الذي من نوره فاضت أنوار الجواهرالثلاثة: جوهر العقل الكلي الفعال، وجوهر النفس الكليّة الفلكيّة، وجوهر بحر الهيولى الأولى (بحر الروح).
الله نور السماوات والأرض.. الله هو ثالوث النور المُفاض من قدس جوهر الوجود! هو ثالوث أنوار جواهرالعقل والنفس والروح!! الجوهر المُبدَع نورٌ على نورٍ على نورٍ، على صورة مُبدِعِهِ جوهر الوجود.

من نور جوهر الوجود، فاض نور جوهر العقل الكلّي الذي منه فاض نور جوهر النفس الكلية، الذي منه فاض نور جوهر بحر الهيولى الأولى/ بحر الروح.

بفعل حركة طاقة العقل الدائرية في بحر الذرات المادية تكوّنت الإسطوانات!! وبفعل حركة طاقة النفس الرحاوية، تحولت الاسطوانات الدائرية إلى أجسام كروية!! وطاقة الروح الإنسيابية سيَّرَت الأجسام الكروية، فرَسَمَت مسارات الأفلاك الوهمية.

لا عجب من تَخَيُّل قصة تكوين جسم الكون العظيم بكل هذه البساطة، لأن مادة العقل المتخيلة بسيطة لطيفة لكنها جبَّارة في الإستنتاج، مثلاً: الأعاصير المُدَمِّرَة والعواصف العاتية هي مجرَّد نسمة لطيفة هي مجرد هواء لطيف، مثلما يكون عاصفاً عندما يتعامل مع اجنحة طائرة وزنها بالأطنان، يكون في منتهى اللطافة عندما يتعامل مع أجنحة برغشة. سبحان العقل مُبدِع العقل على صورته في الإنسان.

المجد والتقديس لصفاء وبهاء ضوء جوهر الوجود المفيض الأضواء الثلاثة، أقانيم نواة الكون الإلهية أقنوم العقل- وأقنوم النفس- وأقنوم الروح- طاقة جسم الكون المُطلَق، المتوالدة وفق نظام الأبجدية الإلهية، نظام سُلالة نور الأب والإبن والحفيد، نظام الملكوت، نظام جوهر الوجود أصل الجواهر الثلاثة.
أُنزِلَ نظام الملكوت في تكوين المجموعة الشمسية، فظهَرَ التميُّز في الشمس النارية المفيضة إشعاعاتها عن الكواكب الترابية الثلاثة عطارد- الزهرة- الأرض..

الشمس في وسط الأفلاك تمثل جوهر الوجود الأحد وكوكب عطارد بدورانه أربع دورات في السنة حول الشمس، يمثل أنوار حدود صليب جوهر العقل الأربعة، وكوب الزهرة بظهوره خلال ليالي ثمانية أشهر في السنة، يمثل حدود إشعاعات الجوهرين 4+4 العقل والنفس، عدد ملائكة العرش والنفس الثمانية!!..
وكوكب الأرض بدورته مرة حول الشمس، كل اثني عشر شهراً، يمثل حدود الجواهر الثلاثة الإثني عشر.

كوكب الأرض الذي يمثل بحر الهُيولى الأولى، يمثل بحر الروح، ظهرت على سطحه حياة الخلق الروحي عنوة عن كل كواكب المجموعة، بمناخه المعتدل، بين لهيب كوكب عُطارد- لقربه من الشمس- وكوكب زُحل الجليدي- لبعده عن الشمس- وذلك بتقدير رب العرش الحكيم العظيم، موجد قوى هيولى الطبيعة الخالقة المنمية، كجزء من القوى الكونية الإلهية العُظمى!!

*إن ما ورد في هذه المقالة لا يعبّر بالضرورة عن رأي حرف عربي+ بل عن رأي كاتب المقالة حصراً.

*صور المقالة من أرشيف الباحث كمال مسعود

*صورة الغلاف مركّبة عن الانترنت

التعليقات